القدس- بقلم: سعيد الغزالي
يتأهب حزب دعم الذي يؤيد إقامة دولة واحدة للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني لخوض معركة الإنتخابات الإسرائيلية في شهر نيسان القادم بأمل الحصول على منبر ديمقراطي في الكنيست. ويدعم الحزب منح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة حقوقا قومية ومدنية متساوية، وذلك ضمن مشروع الدولة الواحدة للإسرائيليين والفلسطينيين.
يقول الأمين العام للحزب يعقوب بن إفرات، وهو من مدينة حيفا جوابا لسؤال حول الفائدة المرجوة من المشاركة في انتخابات الكنيست الاسرائيلي، “إذا كان بإمكاننا اجتياز نسبة الحسم وحصلنا على ثلاثة او اربعة مقاعد في الكنيست، معنى ذلك أن١٥٠ ألف شخص صوت لنا، وقرر كل واحد منهم أن هذا هو الطريق الديمقراطي الذي يجب أن يسلكه وهذا يعني ثورة في الساحة السياسية في إسرائيل. إننا نقول للشباب العربي والفلسطيني أن هناك حزب يعمل في الساحة الإسرائيلية والذي بإمكانه أن يكون عنوانا ثوريا لطموحاتهم ويتعاون معهم لإحداث تغييرات ثورية. يضيف بن إفرات الذي كان يتكلم من مكتبه في حيفا: “إن دخلنا الكنيست سنكون قد حققنا القفزة الأولى.”
تأسس حزب دعم عام ١٩٩٥ إثر التوقيع على إتفاق أوسلو، الذي إعتبره حزب دعم كارثة للشعب الفلسطيني وحذر من الوهم بأنه يشكل خطوة نحو الدولة المستقلة. وتوالت الأحداث وأدى إندلاع الإنتفاضة الثانية عام ٢٠٠٠ الى إبتعاد الطرفين – الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء – عن أمل الوصول إلى حل الدولتين كطريق للسلام بين الشعبين.
يسلك حزب دعم طريقا واقعيا ويطرح رؤية سياسية تدعو الى بناء نظام سياسي جديد يقضي على كافة الإمتيازات التي يحظى بها اليهود في إطار تعريف الدولة كدولة يهودية وترسيخ مفهوم المساواة الكاملة القومية والمدنية للفلسطينيين والإسرائيليين. لتحقيق هدفه وبناء قاعدة شعبية تؤمن بما يقوله ينشط الحزب في الميدان من خلال مبادرات إجتماعية ونقابية وإقتصادية ويلجأ إلى المحاكم للحصول على حقوق العمال الفلسطينيين العاملين في المستوطنات، ويناضل أيضا من أجل حقوق العمال المضطهدين اليهود والعرب داخل إسرائيل. ولدى الحزب برامج للمحافظة على سلامة البيئة ويقوم حاليا في انشاء مشروع “الزراعة المائية” لمساعدة النساء العربيات وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية في الوسط العربي في محاولة لدفع المجتمع الفلسطيني نحو التقدم والحداثة في القرن 21.
وتنبع ثقة بن إفرات بالحزب من الانجازات التي حققها منذ عام ١٩٩٥ في مجالات عديدة، منها نجاحه في تنظيم العمال وتطوير لجان عمالية في أماكن العمل كما في توجهه الى المحاكم لتحصيل حقوق العمال الفلسطينيين في بعض المصانع في مستوطنة ميشور أدوميم في الخان الأحمر، والكفاح من اجل سن قوانين السلامة والأمان في ورشات العمل في الكنيست، والنضال من أجل حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، وإستقطاب الشباب.
يأمل بن إفرات أن ينجح الحزب في إقامة تحالفات مستقبلية مع تيارات إسرائيلية وفلسطينية تتفق معه على المبادئ الثلاث التي يطرحها الحزب وهي التضامن الاممي بدل القومية المغلقة والإقتصاد التشاركي الأخضر بدل إقتصاد السوق الحرة والحل على اساس الدولة الواحدة.
برغم هذه الطموحات الكبيرة، يقول أمين عام الحزب وهو ابن الـ ٦٧ عاما، “الإسرائيليون اليوم يتجاهلون الفيل في وسط الغرفة.” والفيل هو الاحتلال الذي يحرم نحو خمسة ملايين من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من حقوقهم ومن إنسانيتهم.” يشرح بن إفرات الأسباب التي جعلت الإسرائيليين يضعون على أعينهم عصابات القماش الأسود، فلا يرون الفلسطينيين، ولا يفكرون بمشاكلهم وبؤسهم، ويضعون طينا في أذانهم فلا يستمعون للصياح المناهض للاحتلال من قبل شعب كامل يعيش منذ 52 تحت القمع والتنكيل والبطش.
ويتساءل بن افرات: “في ثمانينيات القرن الماضي رأينا ردود فعل إيجابية في المجتمع الإسرائيلي إزاء الانتفاضة الأولى، وتمرد الشباب الفلسطيني على الاحتلال. لكن ما حدث بعد ذلك كان له تأثيرا سلبيا على إمكانية تطوير الفهم والتضامن مع الفلسطينيين، إذ أدى وصول القيادات الفلسطينية من الخارج (أي مجيء ياسر عرفات وقيادة م.ت.ف من تونس بعد اتفاق أوسلو) الى تشكيل سلطة تأقلمت بمرور الوقت مع الاحتلال وقبلت بنظام الحكم الذاتي، والتنسيق الأمني. في المقابل رفعت المعارضة الفلسطينية المتمثلة بحركة حماس شعارات وهمية حول إمكانية القضاء على إسرائيل لكنها إنتهت اليوم بالسعي الى التأقلم مع شعار التهدئة مقابل المال القطري- ١٥ مليون دولار كل شهر. وتتأقلم حماس في الميدان بينما تبقى على نطاق الخطاب والفكر متمسكة بشعاراتها غير الواقعية وندائها لتدمير إسرائيل، وإقامة نظام إسلامي.”
يضيف بن افرات: “الحكومة الإسرائيلية اليمينية ترى بأنه من مصلحتها إبقاء الواقع الحالي، ولسان حالها يقول: ليبق الوضع على ما هو عليه، لأنه لا وجود لشريك فلسطيني. في الوقت ذاته، تُشغل إسرائيل نفسها بما تسميه بـ “الخطر الإيراني”. بينما في الواقع الخطر على المشروع اليميني الصهيوني موجود هنا في الضفة والقطاع وليس في إيران. بعد ثلاثة عقود سيرتفع عدد الفلسطينيين إلى 12 مليون بينما من المحتمل ان يبقى في البلاد من البحر للنهر نحو 10 مليون إسرائيلي. فهل تكفي الموارد المتوفرة لـ 22 مليونا من الفلسطينيين والاسرائيليين؟ كيف سيعيش الناس بدون موارد؟ كيف ستعيش غزة بدون مياه صالحة للشرب بعد عام. كيف سنحل المشكلة؟ رغم ذلك يتجاهل الإسرائيليون هذا الفيل؟”
يضيف بن إفرات: “نحن في حزب دعم نعلق الجرس ولا نخشى أحدا ويصمت الفلسطينيون في الضفة وقطاع غزة. إنهم يخشون حركتي فتح وحماس. أبو مازن يعتقل من ينشر “بوست” في موقعه في الفيسيوك ينتقد به السلطة، وحماس تقمع المظاهرات في قطاع غزة.”
يقول بن إفرات: “الإسرائيليون يعتقدون أن أبا مازن “المعتدل” ليس شريكا، وحماس “المتطرفة” ليست شريكا. لكنهم لا يسألون أنفسهم ما هو البديل؟ مع من سنتكلم؟ وفكرة الدولة الواحدة ليست غريبة على الإسرائيليين لكنهم يتصرفون كمن ينتظر حتى تنفجر الأوضاع وبعدها سيفكرون بالبدائل. هم يعلمون علم اليقين بأن سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية لا يمكن أن تستمر للأبد. ولكن الجميع يتصرف وكأننا أمام حالة دائمة ثابتة ولا القائمة المشتركة ولا حزب الليكود يجرؤون على طرح بديل جذري للأزمة الحالية، علما إن القيادتين الفلسطينيتين – حماس وأبو مازن – تستعدان لمواصلة العلاقة بالسلطة الإسرائيلية وإبقاء الوضع على ما هو عليه اليوم. اننا نحمل فتح وحماس على حد سواء مسؤولية تدمير الحلم الفلسطيني. فمن شطب خيار الدولة الفلسطينية المستقلة كان الإسرائيليين الذين رفضوا القبول بالاستقلال الفلسطيني والتنازل عن المستوطنات لكن القيادات الفلسطينية تتحمل المسؤولية الكبرى هنا أيضا بقبولها الحكم الذاتي من الناحية وشعاراتها المتطرفة من الناحية الأخرى.”
يتساءل بن إفرات:” لماذا لا توجد حركة فلسطينية ديمقراطية تتحدث بوضوح في الميادين والمنابر والجامعات عن دولة واحدة وحقوق متساوية للفلسطينيين؟ وتقوم هذه الحركة بفتح نقاش مع العقلانيين والديمقراطيين في إسرائيل، بدلا من لغة حماس التهديدية التدميرية ولغة أبو مازن المنافقة.”
تدل كل المؤشرات على أن الفلسطينيين يجلسون على حافة بركان. ولا أحد يعرف متى يثور هذا البركان. وتصدر المخابرات الإسرائيلية تقريرا كل شهرين، تقول فيه اذا استمر الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة بدون حل، لا توجد إمكانية للسيطرة عليه أمنيا. هذا هو النقاش الدائر على مستوى المؤسستين الأمنية والسياسية، ولكن ليس على المستوى الشعبي.
يضيف بن إفرات بأن “التغيير لن يحدث في إسرائيل، ما لم يحدث تغيير في الموقف الفلسطيني وطالما لم تظهر قيادة بديلة لفتح وحماس في الساحة الفلسطينية وطالما أن الانفجار لم يحدث بعد، ينتظر الإسرائيليون حتى يحدث ثم يتعاملون معه. لا شك ان أساس الكارثة الإنسانية التي نعيشها هو الاحتلال. لكن هل البديل هو إقامة نظام عربي إضافي؟ هل يكافح الشعب الفلسطيني ضد الظلم والقمع الاحتلالي كي يقبل مكانه نظاما عربيا قمعيا من النظام المصري او نظام الأسد؟ هل يريد تكميم الأفواه؟ هل يريد الشعب الفلسطيني صحافة دق الطبول والتسبيح بحمد الرئيس وتمجيد الزعيم؟ لا أعتقد ذلك. الشعب يريد حرية الحركة والتفكير والتعبير ويريد نظاما اقتصاديا معاصرا يضمن أماكن عمل واجور وحقوق وتأمينات. الشعب يريد مستقبلا.”
وينهي بن افرات قائلا – “انا على يقين بان الشعب الفلسطيني يريد ان يرى أناسا عقلانيين من الطرف الثاني ويستعد لفتح النقاش حول المستقبل، وحول العيش المشترك للشعبين على هذه الأرض، بحرية وكرامة”.
****
يعقوب بن افرات (67 عام متزوج من الرفيقة ميخال شفارتس، عضو قيادي في حزب دعم وسجينة سياسية سابقة وله ولدين احدهما ناشط في الحزب) وهو احد مؤسسي حزب دعم وامين عام الحزب منذ تأسيسه في عام 1995 وكان قبل ذلك ناشطا في الانتفاضة الاولى في اطار طريق الشرارة وتم سجنه على خلفية دعم الانتفاضة مدة 2.5 سنوات. ويكتب بن افرات مقالات سياسية عديدة بالعربية والعبرية والانجليزية وله بعض الابحاث السياسية نشرها في موقع الحزب وفي مواقع اخرى عن اتفاق اوسلو وعن مستقبل القضية الفلسطينية وعن هجوم القاعدة على نيويورك وعن أزمة الرأسمالية وعن التجربة السوفييتية وله صفحة خاصة به في موقع الحوار المتمدن.
موقع Challenge Magazine http://www.challenge-mag.com
موقع يعقوب بن افرات في الحوار المتمدن http://www.ahewar.org/m.asp?i=55
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.