الطاقة الشمسية اداة تحرر للانسان

محمد الحلو

لقد وفرت اللوحات الشمسية الفوتوفولتية  PV  حلول مكنت مستهلكي الكهرباء الافراد او الجماعات من توليد ما يحتاجوه من كهرباء بطريقة بسيطة وبتكلفة معقولة وباسعار كهرباء لا تزيد عن 30% من سعر الكهرباء التي تزودها شركات الكهرباء .

لقد حاولت شركات توزيع الكهرباء المرتبطة بمولدي الكهرباء من مصادر احفورية (نفط,غاز, فحم حجري ) الحيلولة دون انتشار استخدام اللوحات الشمسية لتوليد الكهرباء عبر سلسلة من الاشتراطات وتغليفها بحجج فنية تتعلق بالشبكة واستقرارها  وتطويرها لتتحمل ضخ كهرباء من منتجين صغار اليها , ودار نقاش حول العالم حول الحق باستخدام الشبكة من قبل الجمهور كما هو مضمون منذ البدأ لشركات توزيع الكهرباء الاحتكارية , وانقسم العالم الى مدرستين واحدة تدافع عن توليد الكهرباء بمصادر احفورية غير متجددة وقابلة للنفاذ ويترتب عليها انبعاثات حرارية تهدد بتلوث الكوكب وانعدام امكانية استمرار الحياة عليه , لكنها تعتمد على مصادر بنيت عليها الصناعة الحالية من حقول نفط ومصافي وخزانات ووسائل نقل وشبكات كهرباء تلائم انتاج الكهرباء الحالي .

ومثلت المدرسة الثانية المدافعين عن استمرار الحياة على كوكبنا والساعين لاستخدام مصادر طبيعية متجددة ولا تترك اثرا بيئيا مدمرا للطبيعة ,والتي تحول المستهلك لان يصبح منتجا لما يستهلكه وتفتت الملكية الاحتكارية المركزية لمرافق توليد وتوزيع الكهرباء الحالية , لمشاريع غير مركزية تتنوع ملكيتها بين الملكية الفردية لكل صاحب بيت والملكية التعاونية المشتركة لكل مجموعة سكانية او انتاجية .

رغم ان هذا الصراع عطل امكانية الاستفادة المبكرة من الطاقة الشمسية الا ان كل الاعتراضات انهارت امام الانتاج الواسع لمكونات الطاقة الشمسية والانخفاض الهائل الذي ترتب على تكلفة هذه الانظمة مما وفر للبشرية الفرصة لاستعادة توليد الطاقة مرة اخرى من مصادر متجددة تماما كما ابتدأ الانسان بانتاج طاقته من مصادر متجددة .

ان العالم يسير بخطى حثيثة نحو الاعتماد على توليد طاقته من مصادر متجددة كالشمس والهواء والنفايات والماء كالسدود والامواج وبحلول نصف القرن الحالي ستكون هذه المصادر هي اساس الطاقة في العالم وما يتبقى من مصادر غير متجددة سيضمحل حتى ينتهي , وبذلك تستطيع البشرية تخفيض الانبعاثات الحرارية وضمان مستقبل كوكبنا نظيفا وحيا ومزدهرا .

وفي بلادنا حيث تسيطر سلطات الاحتلال على كل اوجه الحياة , اكمل الاحتلال ربط كل شبكات توزيع الكهرباء بمصادر التوليد الاسرائيلية كشركة الكهرباء القطرية , ورضيت سلطة اوسلو بهذا الترتيب وتوقفت اية محطات توليد محلية عن توليد الكهرباء وجرى الاقتصار على تزويد الكهرباء من مصادر التوليد الاسرائيلية , وبهذا سلمت سلطة اوسلو بتحكم سلطات الاحتلال باهم مادة استراتيجية وهي الكهرباء التي تعتمد عليها كل مرافق الحياة والانتاج .

لهذا تأخذ مسألة توليد الكهرباء من مصادر طبيعية متوفرة وبمتناولنا طابعا خاصا اضافيا في فلسطين فهي اداة تحرر واستقلال عن سلطات الاحتلال فكلما زادت كمية الكهرباء التي يمكن توليدها بالطاقة الشمسية كلما قلت تكلفة فاتورة الكهرباء التي على السلطة دفعها لشركة الكهرباء القطرية .

وبدلا من ان تبادر السلطة الفلسطينية للاستفادة من تعميم استخدام الطاقة الشمسية باعتبارها اداة تحرر واستقلال , الا انها ماطلت طويلا قبل تبني استراتيجية خاصة بالطاقة المتجددة في نهاية عام 2011 ( في اسرائيل سن الكنيست قانون الطاقة المتجددة في حزيران 2008 واعتمدت السياسة منذ بداية 2009 ), خضعت هذه الاستراتيجية لمتطلبات الدول المانحة واستندت الى معلومات غير صحيحة وسنت قوانين بدلا من ان تفتح الباب واسعا امام استخدام وتعميم الطاقة الشمسية ضيقت من الاستفادة من الطاقة الشمسية , ورغم عجز التشريعات التي اعتمدتها بهذا الصدد الا انها عجزت عن تطبيقها والزام شركات توزيع الكهرباء بتنفيذها , مما اعاق استخدام الطاقة الشمسية كأحد مصادر الكهرباء خمس سنوات اخرى حتى عام 2016 , حيث جرى مرة اخرى اعتماد قوانين جديدة تستند للاستراتيجية التي اعتمتدها في نهاية عام 2011 , ولا زال العمل جاريا على تفصيل هذه القوانين بلوائح تنفيذية لم ينتهي العمل على صياغتها بعد .

رغم ان الاحتياجات للطاقة الشمسية ذات اهمية خاصة بفلسطين حيث لا نقوم بتوليد كهربائنا بل نقوم باستيرادها من مصادر خارجية اغلبها اسرائيلية , فقد  تم استيراد 4,702 جيجاواط.ساعة من اسرائيل، بما نسبته 88.7% من الطاقة الكهربائية المشتراة في فلسطين، والبالغة 5,301 جيجاواط.ساعة؛ وذلك للعام 2012؛ أما باقي كمية الكهرباء فيتم شراؤها من الشركة الفلسطينية للكهرباء التي تدير محطة توليد بغزة ، بما نسبته 7.4%؛ حيث يتم توليدها محليًا في قطاع غزة؛ إضافة إلى استيراد 2.3% من مصر؛ بالإضافة الى 1.6% من الأردن.

لا زلنا نعاني من سلسلة من القوانين والسياسات التي تحول دون توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية  واولها تتحمله سلطات الاحتلال نفسها التي تفرض سيطرتها على خزان الاراضي في فلسطين بالمنطقة ج حيث تتوفر الاراضي الواسعة وذات القيمة المعقولة لاقامة محطات توليد كهرباء بالطاقة الشمسية , فسلطات الاحتلال لا تمنح التصاريح اللازمة لبناء هذه المحطات هناك لاي مستثمر فلسطيني وتمنع اقامة شبكات الكهرباء المحلية التي يمكن ان يتم ربطها بمحطات شمسية تقام بهذه المناطق الخاضعة لسلطات الاحتلال . وسلطات الاحتلال ليس لها مصلحة باقامة محطات توليد كهرباء بالطاقة الشمسية تقلل من قيمة فاتورة الكهرباء لشركة الكهرباء القطرية خصوصا بعد اكتشاف حقول الغاز الذي سيصبح الوقود الاساسي لتشغيل محطات توليد الكهرباء في اسرائيل , بحيث تسعى اسرائيل لتصدير اكبر كمية غاز ممكنة ولو على شكل كهرباء يجري توليدها من الغاز للسوق الفلسطينية .

وامام اقتصار المحطات الشمسية على مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية في مناطق الف وباء حيث الارض محدودة وذات قيمة عالية لا تجدي لمنشاريع الطاقة الشمسية , اشترطت السلطة الفلسطينية استخدام الاسطح لتوليد الاحتياجات الخاصة للمنشأة ومنعت توليد الكهرباء على الاسطح بهدف بيعها مما حد من استخدام الاسطح وابقى الجزأ الاكبر من هذه الاسطح خاليا دون الاستفادة منه .

ان انعدام وجود شبكة كهرباء متواصلة على امتداد المناطق المحتلة وارتباطها بالتجمعات السكانية بمناطق نفوذ السلطة في الف وباء , حال دون انتشار مشاريع الطاقة الشمسية والاستفادة من المناطق ذات الاشعاع الشمسي العالي وتكلفة الارض المعقولة لانتاج كهرباء وضخها لشبكة موحدة واستهلاكها في مناطق بعيدة بالمدن والمراكز الصناعية والتجارية , وحال دون تشكل تعاونيات كهربائية لمجموعات سكانية او انتاجية يمكن ان تشترك بملكية محطة لتوليد احتياجاتها من الكهرباء على قطعة ارض بعيدة عن مصادر الاستهلاك حسب نظام (Wheeling)   .

في الوقت نفسه يجري العمل بنطاق واسع على استخدام الطاقة الشمسية كمصدر اساسي لانتاج الكهرباء في الدول المجاورة  فالاردن احد الدول الذي قطع شوطا كبيرا ومستمرا باقامة محطات الطاقة الشمسية واعتماد تشريعات تسمح للمستهلكين بتوليد احتياجاتخم من الكهرباء اما على اسطح منشأتهم او على اراضي بعيدة وفق نظام Wheeling)   )

كذلك اكتشفت دول الخليج مزايا والتكلفة القليلة لتوليد الكهربا بالطاقة الشمسية فاندفعت لتنفيذ مشاريع عملاقة يصل قدرة الواحد منها الى 300 ميغا واط واكثر , حيث ان أي محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية يحرر ملايين البراميل من النفط ويحولها للتصدير بدل استهلاكها في البلاد لتوليد الكهرباء او الطاقة لتشغيل محطات تحلية المياه ..

عن حزب دعم

يرى حزب دعم أن برنامج "نيو ديل إسرائيلي – فلسطيني أخضر" هو الحل الأنسب لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها إسرائيل، وهو مرتكز أساسي لبناء شراكة إسرائيلية فلسطينية حقيقية لإنهاء نظام الفصل العنصري "الأبرتهايد" الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في المناطق المحتلة. هذا الحل مبني على أساس "العدالة المدنية"، ما يعني منح الفلسطينيين كامل الحقوق المدنية ووقف كل أنواع التمييز والتفرقة بين اليهودي والعربي ضمن دولة واحدة من النهر إلى البحر. إن تغيير الأولويات الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الاحتباس الحراري لإنقاذ البشرية من الانقراض ليس مهمة "صهيونية" فحسب أو "فلسطينية"، بل هي مهمة كونية وأممية في جوهرها. ومثلما لا يمكن تطبيق الأجندة الخضراء في أمريكا من دون معالجة العنصرية ضد السود، كذلك لا يمكن تحقيق برنامج أخضر في إسرائيل بمعزل عن إنهاء نظام الأبرتهايد والقضاء على التمييز العنصري تجاه المواطنين العرب في إسرائيل.