والصدى النسبي في المجتمع الاسرائيلي والعربي نشر الخوف في قلوب كل ما اراد ان يحافظ على الواقع كما هو. وجود حزب عربي يهودي اممي وعمالي يبحث عن حل سلمي للقضية الفلسطينية على اساس دولة مستقلة هو امر يفند كل الافتراءات التي تقول بانه لا امل للحل، للشراكة اليهودية العربية ولبناء حزب عمالي.
لا شك ان موضوع نسبة الحسم هو موضوع مهم وقد رافقنا طول الحملة الانتخابية، عدم وجودنا في استطلاعات الرأي ساعد كل هؤلاء الذين ادعوا بان دعم هو حزب “جيد” ولكن لا فرصة له لدخول الكنيست. ورغم كل ادعاءاتنا بان الاستطلاعات لا تعبر عن الحقيقة، الا انها في نهاية المطاف عبّرت بشكل شبه دقيق عن الواقع، وعلينا ان نسلّم بهذه الحقيقة. اما بما يتعلق بالرد على السؤال “هل ستجتازون نسبة الحسم” فكان ردنا بالإيجاب لأنه عبّر عن جديّتنا في التعامل مع الانتخابات. فمثل كل حزب سعينا الى جمع اكبر عدد من الأصوات، لأننا نرى المعركة على الكنيست كعملية مستمرة وتدريجية من بناء القوة السياسية.
واضح اليوم ان كل من سأل عن نسبة الحسم كان من الاول متشككا في قضية التصويت لنا، ولم يكن مقتنعا بأنه جاهز للتصويت لحزب ثوري بل فضل ابقاء الواقع المعروف المزري بدل التغيير الجذري الذي يفترض الصراع القوي مع اليمين الاسرائيلي العنصري والمستوطنين. ان السؤال هو ليس نسبة الحسم بل نسبة استعداد من سأل هذا السؤال من مؤيدي الاحزاب اليسارية الاسرائيلية وهم منتمين الى الطبقة الوسطى العليا، للتضحية بالحياة المريحة من اجل احداث تغيير ثوري في المجتمع يمنح المواطنين العرب المساواة، وللفلسطينيين الاستقلال وللعمال العدالة الاجتماعية.
اما السبب الرئيسي الذي دون شك اثر سلبيا على الحملة الانتخابية برمتها كان موقف الشارع العربي الذي عبّر عن استيائه من الاحزاب العربية، الفساد المتفشي، الشعارات القومية التي لم تؤدِّ سوى الى طريق مسدود، الا انه عاد في اللحظة الاخيرة ليصوت لصالح نفس الاحزاب التي لم يتوقع منها كثيرا. لقد تم التصويت كالعادة على اساس عائلي وطائفي وعلى اساس مصالح مادية وليس مبادئ، الامر الذي يكرّس الوضع المزري للمجتمع العربي. ولم يكن لحزب دعم حملة انتخابية حقيقية في الوسط العربي بسبب قلة النشيطين والمثقفين العرب المؤطرين في الحزب، ومن عبّر عن تـأييده للحزب لم يتجرأ على الخروج بموقفه الى الشارع ومواجهة جبروت الاحزاب القائمة التي تعمل على اسقاط كل بديل لها الا باستثناءات ملحوظة.
العبرة من التجربة
لا يمكن التكهن بشكل الحملة الانتخابية القادمة، فلكل حملة انتخابية خصوصيتها وظروفها السياسية كما رأينا في الحملة الاخيرة. فلا احد كان يمكن ان يتكهن بظهور حزب مثل “يوجد مستقبل” قبل سنتين وعلى خلفية حركة الاحتجاج، كما لا يمكن التكهن بما حدث من تغيير في تركيبة حزب العمل الذي استوعب القيادات الشابة من حركة الاحتجاج، او حتى الفشل الذريع لحزب الليكود الذي توقع زيادة مقاعده بمجرد الوحدة مع حزب اسرائيل بيتنا. كذلك لم نتوقع نحن في بداية الحملة ان ننجح في تجنيد هذا العدد الكبير من النشيطين وان يحظى برنامجنا ومرشحونا بهذا الصدى الكبير.
ولكن “الصدى” الجماهيري لا يكفي لجمع 80 الف صوت. والطريقة الوحيدة لتجنيد هذا العدد الكبير من
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.