بطبيعة الحال عن كل برنامج الحزب، والبرنامج الانتخابي نفسه يطرح قاعدة واسعة هدفها جمع اكبر عدد من الاصوات وترجمتها الى قوة سياسية. ان ما يحكم طبيعة الحزب اذن ليس الشعار والبرنامج بل مجال نشاطه، تركيبته الحزبية اليهودية العربية ومكانة المرأة مثلا، الشريحة الاجتماعية التي يمثلها ورؤيته المستقبلية العامة.
حزب دعم هو حزب ثوري يعتمد على الماركسية كأداة لتحليل الواقع ويتبنى الاشتراكية نظاما سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا بديلا عن الرأسمالية. هذه الرؤية تحدد الامكانيات المتاحة امامنا ليس في مراحل الانتخابات فحسب، بل في عملية بناء الحزب من خلال النشاط الدائم والمستمر، او بكلمات اخرى امكانية جني الثمار السياسية لعملنا النقابي والجماهيري. اننا نواجه مجتمعا منقسما الى قسمين، مجتمع يهودي متطور ومجتمع عربي يعاني التراجع في كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية. هذا التقسيم النابع من طبيعة الدولة العنصرية، ادى الى الفصل التام بين ما يجري من نشاط سياسي في الوسط اليهودي وبين ما يجري في الوسط العربي لدرجة ان الساحة السياسية الاسرائيلية منقسمة بين احزاب “يهودية” او احزاب “عربية”، والشعارات التي تصلح للشارع اليهودي لا تصلح للشارع العربي ولا يمكن نظريا الجمع بين الاثنين.
كلا المجتمعين منقسم الى طبقات واضحة المعالم، تحتل الطبقة الوسطى فيها مكانا مركزيا ومؤثرا، هذا بينما انحصر وجود الطبقة الرأسمالية العليا في المجتمع اليهودي دون العربي، حيث نجح عدد محدود من العائلات الغنية بامتلاك موارد طبيعية رئيسية مثل البحر الميت او الغاز في عمق البحر المتوسط وحتى البنوك، الاتصالات والمرافق الصناعية الكبرى. ومع كل الفروق بين الطبقة الوسطى اليهودية والعربية حيث تتمتع الاولى بفرص اكبر ومستوى معيشة اعلى بكثير كونها تتمتع بامتيازات الدولة “اليهودية” وخدماتها، الا ان وضع الطبقة الوسطى العربية هو بلا شك افضل بكثير من وضع الطبقة العاملة العربية واليهودية معا التي تتقاضى الحد الادنى للاجور وتعيش وضعا من الاستغلال والفقر اضافة الى التهميش السياسي.
ان حزب دعم مقيّد بهذه المعادلة، فنحن نطرح انفسنا كحزب الطبقة العاملة الفقيرة التي لم تدخل اللعبة السياسية وتمتنع عن المشاركة في الانتخابات في الوسط العربي واليهودي على السواء. فاذا كانت الطبقة العاملة اليهودية المشكّلة من اليهود الشرقيين قد صوّتت على مدار عقود لصالح حزب الليكود احتجاجا على احتكار حزب العمل الاشكنازي للاقتصاد والسياسة، فقد عزفت شرائح واسعة منها عن التصويت بعد ان تحول الليكود الى حزب للاغنياء وخيّب آمال هؤلاء الفقراء. نفس التطور حصل في الشارع العربي حيث اكتفت الاحزاب العربية برفع شعارات قومية، ولكنها أهملت المشاكل المعيشية للمواطنين فكان رد الفعل اليأس وعدم المشاركة في العملية الانتخابية.
وقد اثبتت نتائج الانتخابات الاخيرة “نجاح” الطبقة الوسطى العربية واليهودية في آن، فقد جنى حزب “يوجد مستقبل” ليئير لابيد أغلبية اصوات الطبقة الوسطى التي تميل الى اليمين وتتبنى مواقف عنصرية تجاه العرب، في حين حافظت الاحزاب العربية على قوتها بفضل التفاف الطبقة الوسطى العربية حول الاحزاب العربية التي لم تتمكن خلال العشرين سنة الاخيرة من كسر العقدة
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.