يستحق الرد المفصل، ومن اجل توضيح الموقف لا بد ان نذكر بان احد اهم العوائق الذي يمنع كل تأثير من قبل الجمهور العربي وأحزابه على الساحة الاسرائيلية هو القطيعة المطلقة بين الجمهور العربي واليهودي، هذه القطيعة تمنع اي تأثير سياسي لليسار الاسرائيلي الذي لا يمكنه ان يبرز شريكا عربيا فلسطينيا، وبالتالي يقوي من ادعاء اليمين الاسرائيلي بعدم وجود شريك فلسطيني للتفاوض وان استمرار الاحتلال هو بسبب الفلسطينيين أنفسهم.
من ناحية ثانية لا بد التذكير بان موضوع الاحتلال اختفى من الاجندة الاسرائيلية بفضل السياسة الفلسطينية نفسها التي تتماشى مع اتفاق اوسلو وتوافق ان تكون مقاولا فرعيا للاحتلال مقابل الفتات الذي يصلها من الولايات المتحدة والدول المانحة. وفي الوقت الذي تنادي فيه الفصائل الفلسطينية بمقاطعة اسرائيل، فإن بعض هذه الاحزاب يشارك في السلطة الممولة من قبل اسرائيل والقائمة اصلا على التنسيق الامني معها.
اما منظمات المجتمع المدني الفلسطينية التي تدعي المقاطعة، فهي تعيش من الاموال التي تتدفق من امريكا واوروبا والتي تمول الاحتلال بطريقة غير مباشرة. واذا اضفنا الانقسام الفلسطيني الداخلي والتناحر المستمر بين فتح وحماس، وموقف حماس الديني المتطرف، فواضح بان القضية الفلسطينية موجودة منذ زمن طويل في موت سريري ومن هنا اختفت من الاجندة السياسية الاسرائيلية.
وفي ظل هذه المعطيات المزرية لا بد لنا ان نبحث من اين نبدأ، هل نستمر في اطلاق الشعارات حول جرائم الاحتلال دون ان يكون متوفرا الإطار السياسي المناسب لانهاء الاحتلال، ام ان علينا ان نبحث عن طرق لإعادة الثقة بين الجمهور العربي والجمهور الاسرائيلي لكي نتمكن من طرح موضوع الاحتلال بطريقة تربط بين مصلحة الطبقة العالمة الاسرائيلية ومصلحة الطبقة العاملة الفلسطينية التي تعاني من الوضع السائد؟ هل من فرصة لاعادة هذه الثقة دون التفريط بالمبادئ الوطنية؟ نعم، فمن يعاني من سياسة الاستغلال ويعبر عن عدم ثقة بالقيادة الاسرائيلية من الممكن ان يعبر عن استعداده للإصغاء الى الطرح حول السبل لإنهاء الحرب والاحتلال.
ومع ذلك يستحيل ان نتمكن من شق الطريق وإقناع قطاعات شاسعة من الجمهور الاسرائيلي وجزء من الطبقة العاملة الاسرائيلية بإمكانية الوصول الى حل سياسي للقضية الفلسطينية ما دامت الساحة الفلسطينية منقسمة والتيارات السياسية تتستر وراء السلطة الفلسطينية، وما دامت حماس مسيطرة على قطاع غزة. ان الشعب الفلسطيني وتحديدا العمال الفلسطينيين هم المتضررون من اتفاق اوسلو ومن سياسة السلطة الفلسطينية ومن حماس، ولا بد ان تشهد المناطق المحتلة ربيعا فلسطينيا. ان الاطاحة بسلطة فتح وسلطة حماس هو شرط مسبق لإعادة القضية الفلسطينية الى الاجندة العالمية، العربية والإسرائيلية. ودون ذلك سيكون من الصعب على حزب دعم إقناع الجمهور العربي واليهودي على السواء بضرورة الإطاحة بحكومة اليمين وبناء بديل يساري جديد يقود نحو الحل السياسي على اساس انهاء الاحتلال والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة.
اننا نعترف بأولوية القضية الوطنية كونها الموضوع السياسي الرئيسي الذي يحكم مصير اسرائيل والفلسطينيين والمنطقة برمتها. اننا نرى انهاء الاحتلال كمهمة اساسية في برنامج
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.