حركة الاحتجاج العالمية في عهد الأزمة الاقتصادية

محاضرة نير نادر من المؤتمر الفكري لحزب دعم الذي انعقد في الناصرة في شهر حزيران 2012

نشب ربيع الشعوب التي تطالب بالعدالة الاجتماعية في نهاية عام2010. اتّسمت المقاومة الشعبية ضدّ سلطة رأس المال وقمع الحكومات بالإبداع والحساسية والإصرار، وكانت بعيدة عن العنف. شبكات التواصل الاجتماعي لنشر الصور والرسائل والأفلام والمقالات، التي هدّدت لأوّل وهلة العلاقات الاجتماعية بين أبناء البشر، ساهمت في نهاية الأمر في إخراج الناس إلى الشوارع، من الانطواء والاغتراب اللذين فرضتهما الرأسمالية ومن خلال إعادة ارتباطهم بإنسانيّتهم من جديد، إلى مطالبهم العادلة لحياة كريمة ومستقرّة ولمستقبل آمن وتعليم لائق وخدمات صحّية سليمة وسكن ثابت. النضال ضدّ الرأسمالية الفاسدة جعل العالم حلبة نضال ملؤها الأمل بالتغيير. تستعرض هذه المحاضرة طابع حركة الاحتجاج العالمية بشكل عامّ والإسرائيلية بشكل خاصّ، بسلبياتها وإيجابياتها.

القسم الأوّل – احتلال وول ستريت: الرأسمالية والسلطة- عالم إجرامي

تزامن ظهور حركة الاحتجاج العالمية مع الأزمة الاقتصادية العالمية، التي كانت بداياتها عام 2008، والتي غزت قلب الاقتصاد الرأسمالي. انفجار فقاعة الاعتمادات المالية في الولايات المتّحدة وسقوط بنك الاستثمارات الرابع في قوّته في العالم، ليمان براذرز، أدّيا إلى سقوط البورصات في أنحاء العالم. تهاوت شركات كبرى اقتصاديًّا وقامت حكومة الولايات المتّحدة بتأميمها ومنحتها قروضًا رغبةً في إنقاذها. من بين هذه الشركاتآي، إي، جي – أكبر شركة تأمين في العالم؛ وجنرال موتورز- رمز “صُنع في أمريكا” في اقتصاد مجتمع الرفاه الأمريكي؛ والشركتان العامّتان لمنح قروض الإسكان- فاني مي وفردي ماك.وعلى أثر انهيار هذه الشركات انهارت معها مئات البنوك في الولايات المتّحدة وأُغلق عدد كبير من المصالح التجارية. لكنّ الأهمّ، انكشفت أمام العالم ثقافة كذب ورياء الاقتصاد النيوليبرالي بقيادة البنوك وشركات الاستثمار وصناديق التحوّط، بمساعدة سخية من جانب ساسة الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

تحوّلت “حكمة السوق” إلى “خدعة كبرى”. وهكذا انهار رمز الرياء، برنارد مايدوف، الذي أدار شركة استثمارات استندت إلى وعود كاذبة بجني الأرباح، وانهار معه عدد كبير من صناديق التقاعد. وهكذا أيضًا انهارت بنوك مثل: چولدمان ساكس، الأمر الذي أدّى إلى منح “الساب- برايم”، قروض إسكان لأفراد ليس باستطاعتهم تسديدها إلى جانب مراهنات على قدرتهم على السداد. تفيد شهادات عاملين كبار استقالوا منذ فترة وجيزة من چولدمان ساكس أنّ البنك يواصل العمل بطرق الرأسمالية القاهرة، بهدف جني المزيد من الأرباح، بكلّ الوسائل المتاحة، بما فيها بيع منتجات مالية ثبت فشلها. كان أحد زبائن هذا البنك الحكومة اليونانية، التي استعانت بهذه الأعمال التحايلية من أجل الانضمام إلى كتلة اليورو، وبهذه الطريقة أودت بالشعب اليوناني إلى كارثة اجتماعية.

أدّت الأزمة الاقتصادية في الولايات المتّحدة إلى إفلاس ملايين من أبناء البشر الذين فقدوا بيوتهم، في حين أنّ عددًا كبيرًا منهم أصبحوا بحاجة لقسائم الطعام من أجل معيشتهم. الدمار الاقتصادي والفقر اللذان عاشهما مواطنو الدول النامية والعالم الثالث، وصلا إلى المارد الأمريكينفسه وأنذرا ببداية عهد من

עמודים: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10

عن اساف اديب