حركة الاحتجاج العالمية في عهد الأزمة الاقتصادية

الاضطرابات الاجتماعية- الشعبية وبظهور حركة احتجاج عالمية جديدة ترفض النهج الرأسمالي.

“اغضبوا!”، دعا ستيفان هيسل، من قدامى حركة المقاومة الفرنسية، وملأ صوت الغضب المدوّي جميع أرجاء أوروبا والولايات المتّحدة. هذابسبب أنّ قوّة الرأسمالية لم تكن أبدًا كبيرة إلى هذا الحدّ ومعدومة الحياء وأنانيّة كما هي اليوم، مع خادميها من أعلى المستويات في الحكومة. البنوك التي تمّت خصخصتها في هذه الأثناء، تكترث في الأساس بأرباحها وبالرواتب العالية التي يتقاضاها كبار موظّفيها، وليس بمصلحة الجماهير. الفجوة القائمة بين أفقر الناس وأغناهم لم تكن كبيرة إلى هذا الحدّ. اللهث وراء المال والتنافس لم يلقَ أبدًا مثل هذا التشجيع”. هذا ما كتبه هيسل في بيانه.

ثار غضب الجماهيرفي ميدان سول الذي يعجّ بالناس وفي خيمة روتشيلد الغاضبة وحتّى متنزّه زوكوتي. بخلاف الحركة ضدّ العولمة، التي مارست نشاطها في نهاية سنوات التسعين من القرن الماضي، والتي استند احتجاجها إلى استغلال وقمع الرأسمالية خارج حدود الغرب، ظهرت حركة الاحتجاج الحالية في خضمّ الأزمة الداخلية في الغرب وبتأثير الربيع العربي- موجة الثورات ضدّ الدكتاتوريات التي تعتمد على الرأسمال الدولي.

نحن ال %99

تجلّى عمق الفجوة بين الجمهور والحكومة في المظاهرات الكبيرة ضدّ الحرب في أوروبا وفي سقوط الحكومة في إسبانيا. تضعضع موقف بوش في الولايات المتّحدة في أعقاب كشف أكاذيبه فيما يتعلّق بالحرب ضدّ العراق وضدّ الإرهاب، وعلى ضوء عدم قدرته على إنعاش الاقتصاد. الاقتصاد الذي يتيح للأثرياء مضاعفة أرباحهم ولا يتيح توفير عمل ثابت للجمهور، يكشف طابع النظام الاقتصادي المتّبع، الذي يعمل لصالح واحد بالمئة من الشعب على حساب الــ%99 المتبقّين. (من وثيقة تمهيدية للمؤتمر العامّ الخامس لحزب دعم، 2004).

أوجدت الأزمة الاقتصادية في الولايات المتّحدة حركة أوكيوپاي وول ستريت. قبل أن تصبح حركة احتجاج تعمل ضدّ البنوك، كان جميع أفراد حركة الأوكيوپايوول ستريت من عامّة الشعب المخلصين الذين ساهموا في انتخاب براك أوباما رئيسًا للولايات المتّحدة، ووقفوا إلى جانبه عند نشوب الأزمة الاقتصادية العالمية. أقام هؤلاء الأفراد حوله حركة هائلة رفعت نسبة الناخبين في الولايات المتّحدة من %48إلى %64من مجمل أصحاب حقّ الاقتراع. الشعارات الانتخابية التي رفعها أوباما والتي ساهمت في انتخابه والمعروفة للجميع كانت: “Yes we can”, “Change”. العاطلون عن العمل والسودوذوو الأصول اللاتينية والقوى التقدّمية في المجتمع الأمريكي، جميعهم تجنّدوا بحماس لوعوده بإحداث تغيير اجتماعي شامل.كان خطاب أوباما شبيهًا جدًّا ببيانهيسل الغاضب بإضافة وعود بالتغيير كوعود روزفلت. حوالي مليون متطوّع وعشرة ملايين متبرّع وحراك شعبي هائل، عملوا من أجل دعم أوباما باسم الوعود بتغيير معالم الولايات المتّحدة. لكنّ أوباما تنكّر بعد انتخابه لوعوده لهذه الحركة، وعيّن في الطاقم الذي يعمل معه في البيت الأبيض أفرادًا من السياسة القديمة من الحزب الديمقراطي؛ أفرادًا من وول ستريت وچولدمان ساكس. خيبة الأمل الفورية، بسبب عدم الإيفاء بوعوده ومساعيه للتعاون بين الحزب الديمقراطي والجمهوري، أضعفت من مكانته وأوجدت خلال فترة وجيزة احتجاجًا سياسيًّا وقف ضدّه- حركة حفلة الشاي.

حفلة

עמודים: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10

عن اساف اديب