الحكومات بالاختفاء، وإنّما يطالبها بتغيير طرق تعاملها مع احتياجاته فقط. بكلمات خيمة روتشيلد: “أنتم تعملون من أجلنا”. هذا يعني، إلقاء المسؤولية داخل النهج الرأسمالي على علاقات العامل- المشغّل، وليس على العلاقات السياسية بين المواطن والسلطة الحاكمة. طالبت حركة الاحتجاج الحكومة أن تكون ما لا تستطيع أن تكون: التنازل عن أيديولوجيّتها وتغيير طابعها. كلّ ذلك بدلاً من أن تصوغ حركة الاحتجاج أيديولوجية خاصّة بها وأن تعمل على تحقيقها.
ولدت دفني ليف سنة 1986، بعد سنة من قرار إسرائيل الانتقال من الاشتراكية الصهيونية إلى الرأسمالية القاهرة. النهج الرأسمالي الذي كُتب مساره ونُشر عام 1985- الذي عُرف بـــ “خطّة الاستقرار”- التي شملت الخصخصة وإضعاف قوّة العمل المنظّم وقانون الترتيبات الميزانيّة وتقليص العجز في الميزانية، أدّت إلى نموّ اقتصادي في إسرائيل استفادت منه الألفية العليا، في حين اضطرّ سائر أفراد المجتمع للعمل في الأعمال الشاقّة من أجل تمويل غلاء المعيشة الذي أحدثه النموّ الاقتصادي.مرّ عقدان من الزمن حتّى أدرك الجيل الذي ولد بعد عام 1985 أنّه يعيش في دولة ليس شريكًا فيها، وأنّه ليس سوى عامل أبيض يساهم في وجودها من أجل البرجوازيين.
ظهرت الدعوة للعدالة الاجتماعية في إسرائيل في 14 تمّوز، من الكنبة التي وضعتها دفني ليف في شارع روتشيلد. أوجدت هذه الدعوة لأوّل مرّة في إسرائيل حركة جماهيرية واسعة تقف في وجه سياسة الحكومة وتعبّر عن انعدام الثقة بالنهج الاقتصادي- الاجتماعي الرأسمالي.
رأى حزب دعم في هذه الحركة ظاهرة جديدة وحقيقية تستحقّ الدعم والتوجيه. ظهرت هذه الحركة بسبب التراجع الاقتصادي الذي عانت منه الطبقة الوسطى ومن بيع الحقل الاقتصادي لاثنتي عشرة عائلة بتمويل من الجمهور ومن خصخصة الخدمات العامّة: التقاعد والتعليم والخدمات الصحّية والثقافة والمواصلات. أضف إلى ذلك أنّ إسرائيل هي دولة ترصد ميزانية كبيرة للأمن، بهدف تبرير حروبهاوالاحتلال الذي تمارسه في المناطق الفلسطينية. لهذه الأسباب شاركنا في خيمة الاعتصام في روتشيلد ونصبنا خيمة اعتصام في الناصرة ودعونا إلى إسقاط الحكومة، الدعوة التي لم تلقَ قبولاً لدى قادة النضال.
في نهاية الصيف، نجحت الحكومة التي أخمدت حريق الكرمل، الذي رافقته انتقادات جماهيرية عارمة، في إخماد حريق الاحتجاج عن طريق تعيين لجنة تراختنبيرچ، وبسبب عدم خبرة الحركة في ترجمة مطالبها إلى إنجازات. أدّى عدم النضوج السياسي إلى أخطاء في إدارة الاحتجاج. لم يُترجَم الشعار- “الشعب يطالب بالعدالة الاجتماعية” إلى مطالبة بإسقاط الحكومة، بل بالعكس- الرغبة في أن تعمل الحكومة لصالح المحتجّين عزّزت استقرارها وأدّت إلى إقامة لجنة وزارية ولجنة تراختنبيرچ.تلاشت الرسالة المركزية التي مفادها أنّ الحكومة هي المسؤولة عن القصور الاجتماعي، وبالتالي يجب حلّها. لم تحظَ الجماهير التي أرادت التماثل مع فكرة واحدة وبيّنة برسالة واضحة، وهكذا بين تفكيك الخيام من قِبل القيادة نفسها وبين الصراعات الداخلية بين أفرادها، وجدت الجماهير الاستقرار في الستاتوسكڤو حتّى تنازلت في النهاية عن الاحتجاج.
كمنظّمة ثورية، تشكّل حركة الاحتجاج بالنسبة لنا مجال عمل هامًّا. وضعنا هذه السنة لأنفسنا مهمّتين تتعلّقان بحركة الاحتجاج في إسرائيل:
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.