حركة الاحتجاج العالمية في عهد الأزمة الاقتصادية

حكومة يمينية، وهي نفس الحكومة التي سقطت قبل عدّة سنوات بسبب أكاذيبها في مسألة العملية التخريبية في مدريد وسياستها الاقتصادية المدمّرة. يمكنأن نستدلّ من أقوال كتانيا عن مدى اشمئزازه من العمل السياسي وإيمانه الساذج بأنّه يمكن تغيير النهج الاقتصادي المتين والمنظّم في المؤسّسات المالية التي تحظى بدعم الحكومة والشرطة والجيش،بدون مواجهتهم في الحلبة السياسية وكسب ثقة الجماهير.

هذه هي الفرصة التي أضاعتها حركة الاحتجاج في إسرائيل وفي العالم. في نهاية الأمر، يمكن الوقوف على تأثير حركة الاحتجاج في صندوق الاقتراع. ما حدث في إسبانيا أنّها أدّت إلى تولّي اليمين زمام السلطة، لأنّها امتنعت عن طرح بديل من داخلها؛ في مصر لم تتنظّم حركة السادس من إبريل واليسار السياسي لتحقيق الثورة التي أشعلتها هي بنفسها؛ وفي الولايات المتّحدة سيكون الاختيار بين حركة أوكيوپاي وول ستريت وحركة حفلة الشاي في تشرين الثاني، عندما يتحتّم على الأمريكيّين الاختيار بين أوباما الديمقراطيورومني الجمهوري المحافظ.

كما هي الحال في كلّ نظام ديمقراطي، ينبغي العمل على تغيير القوانين والأوامر والخطط الحكومية المستقلّةمن أجل إجراء تغييرات في ميزانية الدولة وفي السياسة الاقتصادية، ولن يتمّ ذلك إلاّ من خلال ممثّلين ومنتخَبين في الكنيست وفي الحكومة.

مع ذلك، حتّى وإن “مرّت سنة ولم يتغيّر شيء”، فإنّ مجرّد وجود الحركة الاحتجاجية يؤدّي بناشطيها إلى المرور بتغيير سياسي. الخوض في العمل السياسي أو على الأقلّ بداية الاهتمام بالسياسة هو الوقود الذي يحرّك الحركة الاحتجاجية، والقوّة التي تساعدها في المضيّ بعد البدء بالحركة التلقائية. القوى الجديدة التي تملكها حركة الاحتجاج تتيح لها التقدّم بسرعة وبنجاعة في الردّ على المبادرات السلبية للسلطات الحاكمة. يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في طرق عملها المبتكرة وفي الطاقة الكامنة فيها وفي التعبير الحرّ والجديد. تغذّي ولادة الأفكار الجديدة خيال الاحتجاج،ويمكن تحويلها إلى قوّة حقيقية ومؤثّرة. في نفس الوقت، نلاحظ أنّه يمكن تحقيق النضوج السياسي فقط من خلال استمرار وجود الحراك الاحتجاجي ومن خلال مشاركة ناشطيها في الحركة الاحتجاجية.

العمّال- الطريق الثالثة

أحد الادّعاءات الإشكالية التي يطرحها أفراد حركة الاحتجاج هي بالصيغة التالية: لا تصنّفونا، لسنا يمينيّين ولا يساريّين. يُضاف إلى هذا الادّعاء تبنّي كلّ فكرة لتغيير الواقع والتماثل معها. رأينا، على سبيل المثال، كيف قامت حركة الاحتجاج بدور هامّ في زيادة وعي العمّال وتعزيزهم. طُرحت قضية العمّال عن طريق المقاولين بقوّة في صفوف ناشطي النضال ممّا حدا بالهستدروت إلى الإعلان عن إضراب شامل. الادّعاء القائل “لا يمين ولا يسار” له علاقة بكون الخطاب الاقتصادي- السياسي العالمي، منذ 1990، يراوح بين تيّارين مركزيّين، كلاهما رأسماليّان. في الولايات المتّحدة: الديمقراطيون والجمهوريون، وفي إسرائيل: الخيار بين الليكود وحزب العمل (أو كديما)، وفي العالم العربي: بين المحور المؤيّد للولايات المتّحدة والمحور المعارض لها، وهذا ما يحدث أيضًا في المستوى الأيديولوجي: بين التيّار القومي والتيّار الإسلامي.

رغم قدراتنا المتواضعة، لم يكتفِ حزب دعم بتحليل نظري بحت، ولم يقف مكتوف اليدين إلى أن تظهر

עמודים: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10

عن اساف اديب