منذ نصف السنة عرفتها امرأة مفعمة بالحيوية، لا يعرف طموحها سماءا وحدود. تعمل “أ.ط” (31عاما) كمركزة مشاريع في احدى المؤسسات في مجال عمل بعيد عن مجال الصحافة والاتصال الذي لطالما عشقته ودرسته اكاديميا. “أ.ط” التي تسكن في احدى القرى المحاذية لمدينة الناصرة، ولدت لاب عامل بسيط. اخوتها بالرغم من تفوقهم في المدرسة آثروا العمل في مهن مختلفة على التعليم الاكاديمي، ايمانا منهم ان الشهادة لم تعد الرافعة التي من خلالها يمكن بناء المستقبل، ناهيك عن تكاليف التعليم الجامعي باهظة الثمن والتي لا يقدر كاهل الاب العامل على نفقاتها.
عملت “أ.ط” مندوبة مبيعات في احدى القنوات التلفزيونية المحلية.
في قسم التعليم الخارجي التابع لجامعة حيفا بدأت “أ.ط” مشوارها الاول في التعليم الاكاديمي، حيث تعلمت مجال الصحافة لمدة عامين. “تخرّجتٌ وبدأت مشواري الشاق بالبحث عن عمل. تقدمت بطلب للعمل في عدة اماكن، محطات راديو وتلفاز، صحف محلية ومواقع انترنت معروفة، الا ان طلبي قوبل بالرفض السلبي دائما. جميعهم طلبوا مني كشرط اساسي لقبولي ان املك فترة تجربة..ايُعقل هذا؟!! فتاة مثلي، للتّو تخرّجت؟! من اين يمكنها الحصول على التجربة. امنحوني فرصة العمل لاحصل على التجربة المطلوبة!!”
يئست “أ.ط” من سوق العمل ومن الابواب الموصدة امامها وادركت بينها وبين نفسها ان الشهادة التي حصلت عليها غير كافية، كما انها لم تفكر ايضا بان مجال تخصصها ليس له طلب بسوق التشغيل. فالمجال المفتوح اليوم والذي تتبنى تطويره اية حكومة نيوليبرالية هو مجال الهايتك والاتصالات وعالم الانترنت الذي يحتكرالسوق المالي بارباحه. من يبالي بشراء الصحف المطبوعة ؟!!لا احد
فباشرت تعليمها الاكاديمي في كلية عيمك يزراعيل وحصلت على اللقب الاول في موضوعي الاتصال والعلوم السياسية. وعادت من جديد لتدور في نفس دوامة الرفض المتكرر ولتصطدم في الحقيقة المرة والتي مفادها بانه لا جدوى ولا امل من وراء كل هذا العناء. السفر من مكان الى آخر والتنقل من مقابلة عمل شخصية الى اخرى جماعية ونفقات السفر وتضييع الوقت. كل هذا تقول “أ.ط” على حساب وقتي واعصابي ومالي واحيانا على حساب اولادي”.
“ا.ط” هي اليوم ام لولدين وزوجة لعامل في مصنع وبالكاد المعاش يكفي لثلاث انفار. الامر الذي دفعها بالتقدم للعمل في مجالات لا تمت بمؤهلاتها الاكاديمية بصلة. “حتى العمل كسكرتيرة في مكتب لم انجح في الحصول عليه”.
في هذا المضمار اضافت “أ.ط ” قائلة ان “الازمة وصلت الى حدّ ان لوظيفة جزئية كمعد برامج، اعلن عنها راديو محلي، تقدم للعمل ما يفوق ال80 طالب عمل، فما بالك ان كانت الوظيفة المُعلن عنها وظيفة كاملة؟!!!”
صدّقيني، كل مرة كنت ارى عدد المتقدمين لوظيفة ما بكم هائل، قلّص فرصتي بنيل الوظيفة حتى في احدى المرّات تنازلت عن الدخول الى غرفة المقابلات وعدت ادراجي محبطة الى منزلي. حيانا رُفضت لعمل ما لان احد المتقدمين المنافس لي له واسطة كبيرة ففضلوه عني”.
فالى متى سنظل نعيش هذا الاحباط؟ما الحل برأيكم؟
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.