ابو البنات

مع اشراقة كل يوم التقيه..شاحب الوجه..منحني القامة وكأنه يحمل هموم الدنيا على كتفيه. يتنقل من مكان عمل الى آخر بفعل عمله بواسطة المقاولين. وما ادراك ما العمل خلال المقاولين. استعباد واجر زهيد، بالكاد يسد رمق جوع عائلته حتى نهاية كل شهر.
انه ابو البنات. النساء في الحي يقولون: “اجا ابو البنات وراح ابو البنات..يا حرام بجري على كوم لحم…الله يعطيه الصّبي….البنات بوكله ومصروفهن كبير..

وهم البنات للممات”. المصيبة لا تقف عند حد اقاويل وعبارات تتناقلها السنة نساء ثرثارة.
زوجته هي الاخرى تنقم على البنات وتلعن الساعة التي جلبت بها البنات. تصرخ عليهن كل الاوقات…بسبب وبدون سبب .عليهن الانصياع لاوامرها خوفا من كلام قد يُقال بحقهن ويخدش عفتهن؟!!العفة والشرف صفات تُلصق لهن لكونهن “يا حرام بنات!!”.
“ممنوع ركوب الدراجة..ممنوع السباحة… لقد بلغتن سن البلوغ…عليكن عدم الخروج من البيت والاختلاط بالآخرين..خاصة الذكور منهم..اياكن واللعب خارج البيت حتى غروب الشمس…ممنوع منعًا باتّا ان ترفعوا صوتكن مهما كانت الحاجة لذلك فصوت المرأة عورة…..في حال خروجي من البيت اياكن فتح الباب لاي انسان…نظّفن البيت..اعتنين جيدا باخواتَكُن الصّغار…”. وهكذا دواليك…كبرت البنات في الحدود التي رسمها لهن، الوالدين..الجيران..القرية ومجتمع ظالم بتقاليده المتعفنة، يعتبرُها ضلعٌ قاصر لا يكتمل ولا يمكن ان يُقدّر بثمن الا باقترانه برجُل..اب واخ وزوج متسلط..تلك الحدود ليس فيها متنفس للحرية…حدود مليئة بخطوط حمراء اسمها ممنوع وممنوع وممنوع….كبرت البنات وبالكاد تجرُأن على رد تحية الصباح او المساء لافراد العائلة التي يعشن في كنفها..ممنوعات من الاحتكاك في العالم الخارجي. والانكى من كل ذلك، ان والدتهن مُصرّة على انجاب الصبي “انشاء الله يصيروا عشرة…بدّي الصّبي”. برأيكم، اذا انجبت الصبي هل ستُحسن تربيته؟!!انجابها للصبي سينشلها من الفقر المدقع الذي تعيشه هي وبناتها؟!! اليس من الاجدر بها، تلك الام التي ما زالت تعيش في عهد الجاهلية ووأد البنات، ان تعزز لهن ثقتهن بنفسهن..ان يُمنحن الفرصة ليكن نساء قياديات…للاسف نحن مجتمع ذكوري يعود بعجلة تقدمنا الى الوراء بفضل تقاليد اكل عليها الدهر وشرب….تلك الام، لا تعلم ان المرأة اليوم صنعت بروحها المناضلة التغيير ووصلت الى اعلى الرّتب ليس بفضل كونها امرأة وانثى بل بفضلها انسان من حقه فرصة الحياة والتقدم شأنها شأن الرجل…ما رأيكم…..

عن