أزمة وجودية، والنظام المصري شدد الحصار على غزة. وقد استغلت سلطة رام الله عزلة حماس لتشدِّد، هي أيضا، الحصار على غزة من خلال سلسلة من عدة أجراءات كان أبرزها تقليص معاشات الموظفين، تقليص الدعم المالي لشراء الوقود لتشغيل محطة الكهرباء وحتى منع تمويل الأدوية وتصاريح العلاج الطبي في إسرائيل. وكما تسعى السعودية لإحداث انقلاب في قطر تقوم السلطة الفلسطينية بمجهود حثيث لإحداث انقلاب في غزة حتى توافق حماس على التنازل عن سلطتها. إن سلطة رام الله مثلها مثل كل الأنظمة العربية المستبدة، تستعمل أسلوب غير إنساني بل ووحشي ضد شعبها فقط من أجل الحفاظ على نظامها.
إلا أن حماس لا تقل انتهازية بل وديكتاتورية عن فتح، وقد قامت قيادة حماس المنتخبة الجديدة – رئيس المكتب التنفيذي إسماعيل هنية ومسؤول منطقة غزة يحيى السنوار- بالتوصّل إلى اتفاق مع النظام المصري ستلتزم حماس بموجبه على تغيير موقفها بل وفك كل ارتباط مع الحركة الأم – الإخوان المسلمين، والحفاظ على أمن الشريط الحدودي في سيناء بشرط أن تفتح مصر معبر رفح أمام سكان غزة. شرط أساسي في هذا الاتفاق هو المصالحة مع محمد دحلان الذي يسعى إلى خلافة محمود عباس بقيادة فتح وأصبح شخصية غير مرغوب بها لدى السلطة الفلسطينية. وفي صفقة غريبة بين حماس ومصر تم الإتفاق على أن يتولى دحلان المسؤولية عن المعابر بين مصر وغزة وبين إسرائيل وغزة ورئاسة حكومة غزة مقابل السماح لحماس بحفظ السيطرة الأمنية على قطاع غزة وسكانها من خلال جهازها الأمني.
وقد وصل الوضع في غزة إلى حافة الكارثة الإنسانية بكل معنى الكلمة، فالتيار الكهربائي شغال فقط لمدة ثلاث ساعات يوميا، لا مياه صالحة للشرب، أطفال يعانون من مرض الأمعاء، المجاري تسير إلى شاطئ البحر، البطالة تفوق 50%، لا علاج طبي مقبول والناس ممنوعين من الخروج لأي غرض كان. هذا الوضع يقلق الحكومة الإسرائيلية التي تتحمل المسؤولية المباشرة على ما يحدث في غزة، ورغم اقتراحات الجيش وعدد من الوزراء بتقديم تسهيلات في مجال الكهرباء، محطات لتحلية المياه وحتى بناء مرسى عائم بمراقبة إسرائيلية إلا أن التزامات إسرائيل تجاه نظام السيسي، وتجاه التحالف “السني المعتدل” بقيادة السعودية، تفرض عليها المشاركة في هذه الحملة التي ستنفجر في وجهها عاجلاً أم آجلاً، إما بحرب جديدة أو بكارثة إنسانية ستتجاوز الحدود الفاصلة بين غزة وإسرائيل.
الأقصى يغطي الأزمة
كانت العملية التي قام بها الشبان الثلاث من أم الفحم والتي قتل فيها شرطيان من أبناء الطائفة المعروفية الدرزية نقطة مفصلية ثانية في تاريخ الجماهير العربية في إسرائيل وعلاقتها مع الدولة منذ احداث اكتوبر2000. وقد انقسمت الساحة السياسية المتمثلة بالقائمة المشتركة بين من أيّد العملية ومن تحفّظ منها دون أن يشجبها. ولكن الجهة التي تبنت العملية كاملةً، أعلنت عن منفذيها شهداء ونظمت لهم جنازة شبيهة بمراسيم جنازات حماس في غزة والضفة الغربية، هي الحركة الاسلامية – الجناح الشمالي بقيادة الشيخ رائد صلاح والمحظورة قانونيا في إسرائيل. وقد شارك حزب التجمع بل وحتى انجرّ وراء الإسلام المتطرف بدعمه للعملية بل والإفتخار بجماهير أم الفحم الذين شاركوا في الجنازة التي اعتُبرت “استفتاءً شعبياً” من قِبل قيادة التجمع.
أما الحزب
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.