الشيوعي، الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية والعربية للتغيير فقد تحفظت من العملية دون شجبها، وكان موقفها واضح عندما قام قياديوها بتعزية عائلات الشرطيين الدروز ممّا عرّضهم بسبب ذلك إلى نقد واستنكار من قِبل الحركة الإسلامية الشمالية وحزب التجمع. وهنا لا بد أن نلاحظ بأن الشيخ رائد صلاح وأنصار عزمي بشارة يحظون بدعم كلي من قِبل قطر التي حولت قناة الجزيرة إلى منبر لهؤلاء وقامت بدور أساسي في تحريض ودفع المواجهات في الحرم القدسي، والتي اندلعت بعد أن قررت حكومة نتانياهو نصب الأبواب المغناطيسية. وقد استغلت قطر الأحداث من أجل شن حملة دعاية ضد المحور المضاد الذي يضم كلاً مِن السعودية، مصر، الأردن والسلطة الفلسطينية. وقد عملت مصر، الأردن والسلطة الفلسطينية على إخماد الهبة الجماهيرية في الوقت الذي استغلت قطر وتركيا الوضع للتحريض وكشف وجه المحور المضاد كمتعاون مع اسرائيل.
وقد أصبح الأقصى غطاءً لنشاط الشيخ رائد صلاح لأجلِ تمرير أجندته الدينية المتطرفة، إذ أن أفكاره تتماهى مع نهج جبهة النصرة والسلفية الجهادية. فقد خاض الشيخ رائد صلاح معركة الأقصى منذ عام 1996 إبّان الإنشقاق في الحركة الإسلامية بين الجناح الجنوبي الذي قرر الإنخراط في الكنيست وبين الجناح الشمالي الذي حسم الموقف من إسرائيل ولا يعترف بشرعيتها وبشرعية مؤسساتها. وكانت حملة “الأقصى في خطر” وسيلة لإبراز هذا الموقف، إثارة المشاعر الدينية، جمع الأموال الخليجية، بناء مؤسسة “المرابطون”، وتشويه سمعة الجناح الجنوبي. أما التجمع فقد حسم كذلك الأمر موقفه من الكنيست عندما هرب عزمي بشارة إلى قطر اعتقاداً بأن العمل في الكنيست لا فائدة كثيرة منه، الأمر الذي تأكد من جديد مع اعتقال النائب باسل غطاس. ويشاطر التجمع موقف الشيخ رائد صلاح المتطرف رغم أن وجهة نظره علمانية بامتياز. العداوة تجاه اسرائيل أهم بالنسبة للتجمع من الخلافات الإيديولوجية. أما قطر وتركيا فتستخدمان الأقصى غطاءً لسياساتهما الفاسدة، سواءً بتحالف تركيا مع أمريكا ومشاركتها في حلف ناتو أو بتصرفاتها القذرة بقيادة أردوغان تجاه الأكراد أو حتى ضرب الثورة السورية من الخلف في حلب.
نحن نعارض الحملة حول الأقصى جملةً وتفصيلاً لأن الهدف الأساسي ليس إنهاء الإحتلال الإسرائيلي بل احتلال عقول الجماهير العربية في إسرائيل وفي المنطقة ككل. فباسم مكافحة الإحتلال قام الأسد بذبح وتهجير الشعب السوري، وباسم القدس ذبح حزب الله بل وهجر سكان حلب، وباسم الحرب ضد أمريكا قام الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي العراقي الشيعي بسحق الموصل. بل وأكثر من ذلك، ففي سوريا شهدنا كيف قتل أنصار الشيخ رائد صلاح من جبهة النصرة وأحرار الشام المدعومين من قِبَل قطر والسعودية، القوى الديمقراطية، وكيف شُوِّهت الثورة السورية وأُفقِدت مصداقيتها. أما في إسرائيل فقد نالت الحركة الإسلامية “حكماً ذاتياً” في القرى والبلدات العربية، حيث أقامت لجان حراسة وهي عبارة عن لجان “العمل بالمعروف والنهي عن المنكر” مثل السعودية وإيران، وفرضت أحكامها على النساء والشباب وتمنع أي مظاهر ثقافية قد تمس العادات والتقاليد حسب فهمها، وتمارس هذا النظام عن طريق القهر والترهيب. إن ظواهر العنف المستشري، العائلية والفساد هي نِتاج لـ 30 سنة من سيطرة الحركة
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.