الاسلامية على البلدات العربية في الوقت الذي يتخوف الأحزاب والمثقفين العرب من التعبير عن موقفهم الحقيقي من هذه الظاهرة.
الإنقسام قائم رغم “الإنتصار” في الأقصى
كثيرون هم من يعتبرون قرار حكومة نتنياهو بالتراجع عن موقفها وسحب الجهاز الممغنط “انتصارا”، غير أن هذا القرار جاء من أجل سحب البساط من تحت أقدام تحالف تركيا، قطر، حماس والشيخ رائد صلاح. إن الإنقسام العربي هو الضامن لسلامة حكومة اليمين المتطرف لأنه يحرره من كل التزام تجاه عملية تفاوضية حول مستقبل المناطق المحتلة. وكان واضحاً منذ بداية الأزمة بأن قطر وتركيا استطاعتا وضع الأردن والسلطة الفلسطينية في موقف حرج حتى اضطر محمود عباس، الذي اتصل بنتنياهو بعد العملية في الأقصى ليعبر عن استنكاره، أن يعلن تعليق التنسيق الأمني “المقدس”. وكان لا بد للحكومة الإسرائيلية أن تتراجع أمام الحركة الإسلامية وتمنحها “انتصارا” تكتيكيا لكي تحافظ على مكسبها الإستراتيجي ألا وهو التحالف مع ما يسمى المحور السني المعتدل.
فما قامت به قطر في قضية الأقصى يشير إلى أن الأزمة في الخليج قد تتفاقم وبأن النهج الذي تبناه الشيخ حمد آل ثاني منذ 1995 ثابت لا يتغير. فمن خلال حركة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة أصبحت قطر لاعبا هاما على الساحة العربية. إن الأموال القطرية لا تشتري اللاعب البرازيلي نيمار بمبلغ خيالي فحسب، بل اشترت الإتحاد العالمي لكرة القدم لكي تفوز باستضافة المونديال، وهي توزع استثماراتها في شتى أنحاء العالم وتشتري صمت العالم والأمريكان على ما تقوم به من دعم الإرهاب والتطرف الإسلامي من خلال السماح لـ 11000 جندي أمريكي الرباط على أراضيها في قاعدة “العديد” الجوية. أما السعودية، مصر والبحرين فجميعها تخشى من الربيع العربي ومن الحركات الإسلامية التي تهدد وجودها.
على المستوى الفلسطيني من الواضح بأن حماس استخدمت الأقصى لفضح السلطة الفلسطينية التي اضطرت تحت هذا الضغط أن تعلن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل. إن ما يهم حماس ليس الأقصى بل سلطتها على غزة وهي تريد أن تخلق رأي عام في الضفة الغربية لرفع العقوبات المفروضة عليها من قبل سلطة رام الله. وقد يعمل نتانياهو كل ما بوسعه على الحفاظ على هذا الإنقسام الذي يشل قدرة حماس على مكافحة الحصار المفروض عليها، ويضعف عباس كناطق باسم الشعب الفلسطيني. إن هذه الصراع الداخلي مثله مثل الصراعات في العالم العربي برمته: يفكك المجتمع الفلسطيني ويمنعه من مواجهة الإحتلال على أساس برنامج سياسي ديمقراطي وموحد. إن “الانتصار” في الأقصى لا يعوض الإنقسام بل كان نتيجة لإثارة مشاعر دينية تلعب لصالح الحركة الاسلامية التي لا تفكر أبداً في مكافحة الإحتلال بل باحتلال عقول وضمائر الشباب الفلسطيني مثل ما فعلت بشباب أم الفحم.
أما داخل إسرائيل فالمنازلة في الأقصى قد أبرزت ضعف القيادة العربية والقائمة المشتركة التي تنجر مرة تلو الأخرى وراء أجندة الشيخ رائد صلاح الغيبية. إن القائمة المشتركة لا تملك أجندة سياسية واضحة: فالجبهة تدفع نحو تحالفات مع ميريتس على أساس مبدأ الدولتين للشعبين ودعم محمود عباس في الوقت الذي تدعم فيه الأسد وإيران، أما الإسلامية الجنوبية فهي تريد الحفاظ على “حكم ذاتي” إسلامي وكسب تسهيلات من الدولة لإدارة سلطاتها
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.