الخطة التقشفية التي اعتمدتها حكومة نتانياهو في نهاية شهر تمّوز تشكّل ضربة ماكنة للعمال والشرائح الفقيرة، وسيما الجمهور العربي. فقد قررت الحكومة سداد العجز في ميزانيتها على ظهر الفقراء والشرائح المتوسطة، وذلك من خلال رفع ضريبة القيمة المضافة وإجراء تقليصات حادة في ميزانيات الصحّة والتشغيل والتعليم وبرامج مواجهة ظاهرة العنف، هذا في حين ابقت الحكومة على نسبة الضريبة على الشركات بقيمة %25 فقط بدل ان ترفعها لتتساوى مع نسبتها في الدول الغربية الاخرى.
وستؤدي هذه التعديلات الضريبية الى ارتفاع الاسعار ورفع نسبة البطالة وضرب الخدمات الاجتماعية. وما يزيد الطين بلة هو ان العجز في الميزانية نابع اصلا من الامتيازات والاعفاءات الضريبية التي منحها نتانياهو خلال السنوات الماضية لأصحاب رؤوس الأموال الكبار والشركات المتعددة الجنسية لتشجيعها على الاستثمار في اسرائيل. والآن يطالب نتنياهو العمّال والطبقات الفقيرة بتسديد هذا العجز بدل تغيير السياسة التي قادت للعجز.
تفضح هذه الاجراءات الأوهام التي باعها نتانياهو للجمهور حول متانة الاقتصاد الاسرائيلي، وحول حكمة سياسته الاقتصادية التي منعت تغلغل الازمة الاقتصادية لاسرائيل. ثم يأتي اليوم ليعترف أنّ الوضع خطير ويتطلب خطوات “جريئة” لحماية الاقتصاد، ولكنه يقترح اتباع المزيد من نفس السياسة التي سبّبت المشكلة اصلا، وهي الاعفاءات للاغنياء وتقليص الخدمات للفقراء.
علم نتانياهو ووزير ماليته يوفال شتاينتس بقرب الركود الاقتصادي ولكنهما أجّلا الخطوات الضرورية تحسّبًا من تقديم موعد الانتخابات. ولكن بعد تحذير عميد بنك إسرائيل، ستانلي فيشر، وتهديد شركات التصنيف الائتماني الدولية بخفض تصنيف اسرائيل، اضطرت الحكومة لاعلان خطتها الصارمة، والتي ستؤدّي إلى ركود اعمق ولفقدان أماكن عمل.
هذه التقليصات تحمل بشرى سيئة للطبقة العاملة وللحراك الاحتجاجي، الذي بلغ ذروته في قيام المتظاهر موشيه سيلمان بإضرام النار في نفسه احتجاجا على ازمة السكن واستهتار المؤسسات بالمواطنين. وهي بشرى اسوأ بالذات للمجتمع العربي داخل اسرائيل الذي يعاني الأمرّين من هذه السياسة، وتعاني النساء فيه من بطالة تصل الى 78% و20% بين الاكاديميين و40% بين الاكاديميات، في ظل تمييز عنصري مستمر في التشغيل وفي كل مرافق الحياة.
في حين تقرر الحكومة تقليص خدمات الرفاه وتقضي على فرص العمل فانها تواصل سياستها العمياء والعنجهية تجاه العرب، وتواصل نقل الميزانيات للاستثمار في المستوطنات وهدم البيوت ووضع الحواجز بدل الوصول الى اتفاق سياسي يضع حدا ل-45 عاما من الاحتلال البغيض. الحكومة التي تفضل الاغنياء على كل الشعب، وتفضل الاستيطان على السلام هي حكومة فاشلة ويجب ان ترحل.
حزب “دعم” العمّالي يدعو الجمهور العربي واليهودي لتصعيد الحراك الاحتجاجي ضد السياسات التقشفية، يشيد بالمواطنين العرب تحديدا الذين سيكونون من اوائل المتضررين من هذه السياسة الى المبادرة لحراك عارم في البلدات العربية بالتنسيق مع الحراك في الشارع اليهودي، للمطالبة بتغيير الاولويات في البلاد، ورفض سداد فواتير ما اكله وشربه الاغنياء على حسابنا.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.