فلسطين دولة مراقب: لا مجال للاحتفالات

اعتراف الأمم المتّحدة بفلسطين يعتبر خطوة شكلية لكنه يشكل بنفس لوقت انذارا لاسرائيل بان وقت احتلالها للضفة الغربية، غزة والقدس قد ولى. وبعد اعلان نتانياهو مرارا وتكرارا بانه سيعاقب الفلسطينيين وحذرهم من مغبة الذهاب الى الامم المتحدة، يبدو بوضوح عجزه عن فرض الموقف الاسرائيلي، الامر الذي حوّل التصويت في الجمعية العمومية الى خطوة ذات اهمية في طريق زوال الاحتلال.

تحوُّل فلسطين اليوم الى دولة مراقبة لا يؤدي بحد ذاته الى تغيير الواقع. فالدولة التي يتم الاعتراف بها هي في الحقيقة دولة على الورق والواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيي يشبه دويلة “بنتوستان” تخضع كلّيًّا لإرادة المحتلّ.

لا ينبغي ان ننسى ان السلطة التي تتجه اليوم الى الامم المتحدة تقف على وشك الافلاس الاقتصادي والسياسي. ولذلك لم يخرج الفلسطينيّون في الضفّة الغربيّة وفي غزّة لرقص الدبكة في الشوارع ابتهاجًا “بهذا الإنجاز” ولا يتوقّعون شيئًا من قائدهم أبو مازن، بعد أن فقد مكانته السياسيّة.

منذ أربعين عامًا حصلت منظّمة التحرير الفلسطينيّة على مكانة مراقب في هيئة الأمم المتّحدة. وعاد الشعب واحتفل عام 1988 عندما أعلنت م. ت. ف عن إقامة الدولة الفلسطينيّة في الجزائر في أعقاب الانتفاضة الأولى. وبعد التوقيع على اتّفاقات أوسلو في الثالث عشر من أيلول 1993 خرجت مرّة أخرى الجماهير الفلسطينيّة إلى الشوارع احتفالاً بالإنجاز، وفعلوا ذلك أيضًا عندما دخل عرفات إلى غزّة. ومنذ ذلك  توقّفت الاحتفالات.

يحاول مؤيّدو إعلان أبو مازن، كما حدث في اتّفاقات أوسلو، تجميل الواقع والادّعاء بتقدّم وهميّ نحو حلّ جذريّ للصراع. عمليًّا، الدول المئة والخمسون التي تقيم الدولة الفلسطينيّة لم تنجح في إزاحة ولو موقع استيطانيّ غير قانونيّ واحد. كما انها فشلت في دفع إسرائيل إلى الشروع في مفاوضات جدّيّة. تلك الدول هي نفسها التي وقفت إلى جانب إسرائيل وادّعت أنّه من حقّها “الدفاع عن نفسها” ضدّ إطلاق الصواريخ من غزّة.

ولا بد من التنويه ان هذا الإعلان هو أيضًا إنذار للمجتمع الإسرائيليّ بأنّ الاحتلال لم يختفِ. وكلّ هؤلاء الذين يحاولون الفصل بين النضال الاجتماعيّ والنضال السياسيّ، يخدمون اليمين، بل ويشاركون أيضًا في تعميق الصراع وفي تعاظم قوّة العناصر الفاشيّة التي في طريقها إلى الاستيلاء على الحكم. في الوقت الذي حصلت فيه فلسطين على مكانة دولة مراقبة في الأمم المتّحدة، يراقب العالم إسرائيل ويرى ما يرفض الكثيرون في إسرائيل رؤيته: لا وجود للدولة اليهوديّة بدون قيام دولة فلسطينيّة إلى جانبها. لذلك الخيارات آخذة في التقلّص: احتلال الأراضي الفلسطينيّة من جديد أو الانسحاب من الأراضي التي احتُلّت عام 1967. ولا مكان للديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة في ظلّ الاحتلال.

عن حزب دعم

يرى حزب دعم أن برنامج "نيو ديل إسرائيلي – فلسطيني أخضر" هو الحل الأنسب لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها إسرائيل، وهو مرتكز أساسي لبناء شراكة إسرائيلية فلسطينية حقيقية لإنهاء نظام الفصل العنصري "الأبرتهايد" الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في المناطق المحتلة. هذا الحل مبني على أساس "العدالة المدنية"، ما يعني منح الفلسطينيين كامل الحقوق المدنية ووقف كل أنواع التمييز والتفرقة بين اليهودي والعربي ضمن دولة واحدة من النهر إلى البحر. إن تغيير الأولويات الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الاحتباس الحراري لإنقاذ البشرية من الانقراض ليس مهمة "صهيونية" فحسب أو "فلسطينية"، بل هي مهمة كونية وأممية في جوهرها. ومثلما لا يمكن تطبيق الأجندة الخضراء في أمريكا من دون معالجة العنصرية ضد السود، كذلك لا يمكن تحقيق برنامج أخضر في إسرائيل بمعزل عن إنهاء نظام الأبرتهايد والقضاء على التمييز العنصري تجاه المواطنين العرب في إسرائيل.