30/1: نتانايهو ولابيد يضعان جدول العمل الاقتصادي وفي لبه خصخصة القطاع العام وضرب العمل المُنظّم

كشف مكتب رئيس الحكومة امس انه مع تشكيل الحكومة الجديدة ينوي نتانياهو تطبيق خطة اقتصادية تهدف الى تقليص الاجور وخصخصة القطاع العام وضرب النقابات العمالية والعمل المنظم. ويتبين من الاخبار التي ابرزته صحف اليوم بان نتانياهو يرى بصعود حزب يائير لابيد الانتخابي ومشاركته في الائتلاف الحكومي فرصة لاتمام اصلاحات جذرية باتجاه خصخصة القطاع العام وضرب العمل المنظم، الامر الذي كان يحلم به منذ عقد من الزمان.

احدى العلامات لنية نتانياهو المبيتة كانت قراره ضم السيد اوري يوجيف للطاقم الاقتصادي الذي يعد الخطة الحكومية الجديدة. السيد يوجيف كان في الفترة ما بين 2003-2004 رئيس شعبة الميزانيات في وزارة المالية، ووقف على رأس الهجوم العنيف الذي شنه انذاك وزير المالية نتانياهو ضد الهستدروت والعمل المنظم. يذكر انه في حينه ضم الائتلاف الحكومي كل من الليكود بقيادة شارون وحزب شينوي برئاسة طومي لبيد (والد يائير لبيد) وتمكنت هذه الحكومة من خصخصة صناديق التقاعد والموانئ، وقامت بتقليصات عميقة في مخصصات الشيخوخة والمعاقين والاطفال والعاطلين عن العمل. اليوم يحاول نتانياهو استعادة تلك الفترة “المجيدة”، بصحبة حزب يائير لبيد.

القضاء على القطاع العام يُشكّل الهدف الاساسي للتغيرات البنيوية التي يطمح اليها نتانياهو. والهدف من ذلك هو تقويض الخدمة العامة، تقليصها، وخصخصة كل شئ ممكن، وتآكل الاجور وظروف العمل للعاملين في خدمة الدولة وفي نهاية المطاف ضرب النقابات وتحويل العمال الى مجموعة من الافراد الذين ليس لهم قوة تفاوض يستطيع اصحاب العمل ان يدوسوا على كرامتهم وحقوقهم مما يشكل جنة لاصحاب العمل في كل مكان.

الذريعة قد تكون سائق الرافعة الذي يعمل في ميناء اشدود مقابل اجر يساوي 70 الف شاقل، اذ انه وعدد قليل نسبيا من عمال الموانئ وموظفي شركة الكهرباء والبنوك يتقاضون في الواقع اجور اعلى بكثير مما كان يجب ان يتقاضونه. لكن هؤلاء هم الاستثناء وليس القاعدة اذ ان يعتبر قسم كبير من موظفي القطاع العام عمال يتقاضون اجور متدنية. فهناك العاملات الاجتماعيات التي يعمل ثلثهن باجر قليل يتطلب تكملة الدخل والممرضات والمعلمين وموظفي السلطات المحلية، والآلاف من موظفي الحكومة الذين يكسبون اقل من متوسط الاجور. جميعهم سيتعرضون حسب الخطة الجديدة الى تقليص اضافي في المعاشات التي وُعدوا بها، وسيدفعوا الضرائب على صناديق الاستكمال وسيفقدون الامان الاقتصادي. ان هذه السياسة ستسحق العمال وستعمق الفجوات الطبقية.

الجدير ذكره بان تشكيّل حكومة نتانياهو الثانية في عام 2009 تم في حينه بمساعدة رئيس الهستدروت عوفر عيني، والذي جلب باراك وحزب العمل بمثابة المهر ومنح نتانياهو الاستقرار السلطوي. وكان ذلك مقدمة لمنح عيني تاثير كبير وعلاقة وطيدة لمكتب نتانياهو. الان تبقى الهستدروت وعيني خارج الصورة، اذ يمنح حزبي لبيد (يش عتيد) وبنط (البيت اليهودي) الليكود الاغلبية التي يحتاجها لفرض التغييرات حتى في حالة معارضة الهستدروت لتلك التغييرات.

عيني قد سبق واعلن عن نيته معارضة الخطة بشدة، الا انه فقد في السنوات الاخيرة شعبيته بسبب دعمه المباشر للجان الفاسدة وتوفير الاجور المُبالغ بها للمُقربين منه. رئيس الهستدروت عيني الذي لم يهتم ابدا بمصير العمال العرب وكذك غض الطرف لتهميش مئات الآلاف من العمال الفقراء ولاصحاب المهن الحرة واعضاء الطبقة الوسطى، الذين يعانون من سحق مستمر في اجورهم ومكانتهم، ليس له ان يندهش اذا تبين ان هؤلاء ينظرون الى الهستدروت كجهة لها مصالحها الخاصة وليس مؤسسة جماهيرية كما كان من المفروض ان ينظر الناسر الى النقابة العمالية وقوة العمل المنظمة.

على خلفية كل ذلك يعارض حزب دعم بشدة خطة نتانياهو، وسينضم الى أي مبادرة ستقوم ضد ضرب العمل المنظم وخصخصة الخدمات العامة. منذ سنين يعمل دعم على بناء نقابة عمالية ديمقراطية في القطاعات الغير منظمة، ويُشجع تنفيذ الاصلاحات في داخل نقابات العمال التابعة للهستدروت مثل نقابة العاملين الاجتماعيين. دعم يطرح اجندة سياسية- اقتصادية واجتماعية بديلة ترتكز على السلام، تخفيض نفقات الامن، والقضاء على دعم المستوطنات، والتقسيم العادل للموارد.

عن حزب دعم

يرى حزب دعم أن برنامج "نيو ديل إسرائيلي – فلسطيني أخضر" هو الحل الأنسب لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها إسرائيل، وهو مرتكز أساسي لبناء شراكة إسرائيلية فلسطينية حقيقية لإنهاء نظام الفصل العنصري "الأبرتهايد" الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في المناطق المحتلة. هذا الحل مبني على أساس "العدالة المدنية"، ما يعني منح الفلسطينيين كامل الحقوق المدنية ووقف كل أنواع التمييز والتفرقة بين اليهودي والعربي ضمن دولة واحدة من النهر إلى البحر. إن تغيير الأولويات الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الاحتباس الحراري لإنقاذ البشرية من الانقراض ليس مهمة "صهيونية" فحسب أو "فلسطينية"، بل هي مهمة كونية وأممية في جوهرها. ومثلما لا يمكن تطبيق الأجندة الخضراء في أمريكا من دون معالجة العنصرية ضد السود، كذلك لا يمكن تحقيق برنامج أخضر في إسرائيل بمعزل عن إنهاء نظام الأبرتهايد والقضاء على التمييز العنصري تجاه المواطنين العرب في إسرائيل.