الفلسطينيون يشاركون في أول نشاط أممي ضد تدمير غابات الأمازون

رام الله سعيد الغزالي

 

“قطع الأشجار وحرقها جريمة نكراء بحق البيئة والكائنات الحية”.

“طبقة الأوزون تحفظنا من الاشعاعات الضارة فلنحافظ عليها”.

“الاحتلال يلوث بيئتنا، علينا ألا نكون عونا له “.

 “نعم من أجل مناخ عالم جميل”.

 

هذه بعض من لافتات رفعت في رام الله في أول حراك تشاركي ضد قطع وتدمير غابات الأمازون، أكبر الغابات الاستوائية في العالم وتوجد في البرازيل. أُطلق عليه اسم “حٍراك من أجل الأمازون| وقفة عيد خُضري”، بمناسبة عيد الحب في ١٤-٢. ونُظم الحراك في ٢٥ مدينة في أمريكا الجنوبية والشمالية وأوروبا والشرق الأوسط وأستراليا. كان تركيز المشاركين في الحراك الفلسطيني على أنهم لا يزالون يعيشون تحت بطش وسيطرة الاحتلال، في الوقت ذاته، يولون اهتمامهم للمخاطر التي تهدد كوكب الأرض، نتيجة سوء استخدام المصادر الطبيعية والتعدي عليها.

وتحدث منظمو الحراك عن الاجراءات والقيود التي يضعها الاحتلال المعرقلة للنشاط الزراعي، وطالبوا باستخدام مصادر المياه وحقهم في العيش بسلام في بيئة نظيفة وحقهم في تحسين وضعهم الاقتصادي وطالبوا بوجود مناطق خضراء في كافة المدن والبلدات الفلسطينية. وجه منظمو الحراك دعوات إلى مؤسسات المجتمع المدني ووزارة التربية والتعليم طالبين السماح لطلبة المدارس بالتواجد أمام مقر الأمم المتحدة الكائن في شارع طوكيو بالقرب من قصر رام الله الثقافي. نشرت الدعوات على صفحات التواصل الاجتماعي.  

تحدث منظمو الوقفة عن قيام المستوطنين والجيش الإسرائيلي بقطع الأشجار، ومصادرة الأراضي الزراعية والقاء نفايات المستوطنين والمياه العادمة من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية. ترافقت هذه التصريحات مع الحديث عن سياسة الاستثمار التي ينتهجها رئيس البرازيل اليميني المتطرف جايير بولسونارو في تدمير الغابات للحصول على الأخشاب وزراعة فول الصويا لإنتاج أعلاف الحيوانات.

كان الناشط البيئي شربل بلوطين من مدينة حيفا أحد المهتمين بهذا الحراك الفلسطيني في رام الله، وسافر من حيفا باتجاه شارع طوكيو العريض، الذي تصطف على جانبيه بنايات حكومية وشركات استثمارية فخمة يحرسها رجال أمن، ومطاعم ومقاهي أنيقة التأثيث. ألقى مؤلف كتاب “الخضرية” بلوطين، بحمل ثقيل على طلاب وطالبات من مدرسة سانت جورج لزيادة وعيهم البيئي بالمخاطر الناجمة عن إزالة غابات الأمازون. وقال بلوطين للطلاب الذين حملوا اللافتات باللغتين العربية والانجليزية: “يريدون تدمير هذا الكوكب، وأنتم وحدكم بوعيكم البيئي تستطيعون أن تمنعوهم من تدميره. إنقاذ البيئة يعني انقاذ البشر، يجب أن نفعل شيئا قبل أن يتمكنوا من تدميرنا”.

ومنعت الشرطة الفلسطينية المشاركين وعددهم ١٢٠ طالبا وطالبة، تقل أعمارهم عن ١٥ عاما، من الوقوف أمام بناية الامم المتحدة، برغم حصولهم على ترخيص مسبق، فاضطروا للوقوف في شارع مجاور. وشارك في الوقفة مدير مدرسة سانت جورج، ومعلمون ومعلمات ومدير التربية والتعليم في رام الله والبيرة، ومؤسستان من المجتمع المدني. وبرر بعض المسئولين عدم المشاركة الواسعة في الحراك بأنهم لم يعطوا الوقت الكاف لتنظيمه. احتج الفلسطينيون برفع اليافطات، وإلقاء الخطابات، وإدانة ممارسات الاحتلال والمستوطنين المهددة للبيئة الفلسطينية. توقعت أن أرى وأسمع رسالة أكثر قوة تعكس حجم المأساة العالمية والمحلية.

كان يُمكن أن تُصنع أقنعةٌ وببغاوات وحيوانات مهددة بالانقراض من النباتات، يضعها المحتجون على وجوههم. ستكون الوقفة أقوى لو حمل الأطفال المشاركون لافتات من زهور وأغصان وأوراق شجر، وقد يرفع أحد المحتجين صورة رئة عملاقة مصنوعة من رئات طيور منقرضة – في وسط غابة أمازونية. ربما يمكنهم أن يصنعوا أرانب وسحالي من كرتون وبلاستيك مدور. بقيت الرسالة مقيدة بقيود الممارسة ذات الخيال المحدود، لكنها تبقى مهمة، لأن مشاركة الفلسطينيين في هذا الحدث العالمي يعني أنهم جزء من هذا العالم.

لا يهم، إن كان المشاركون في الوقفة صغارا أو كانوا كبارا. لا يهم إن اشترك طلاب مدارس كثيرة أو مدرسة واحدة فقط أو شخص أو شخصان عن مؤسسات المجتمع المدني، المهم أن المحتجين من مدرسة سانت جورج دقوا جدران الخزان (رواية غسان كنفاني لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟)، بينما بقي الآخرون متقوقعين.

اعترفت هناء البيدك، التي نظمت حراك رام الله، ولم يلب دعوتها سوى مدرستها، أن الوعي البيئي لا يزال ضعيفا في فلسطين. يؤيدها في قولها مدير المدرسة ريتشارد زنانيري: “بصراحة لست راضيا عن الوعي البيئي في فلسطين، لذلك يجب أن نزرع في هذه البذور(الأطفال) حب الأرض، ويجب أن نبدأ بنشر الوعي البيئي، بينهم، هؤلاء البذور، هم الأمل، لدينا في المدرسة نادي بيئي ونقوم بنشاطات بيئية، ولا يجوز أن يتوقف الحديث عن البيئة من خلال هذا النشاط فقط، نريد ثقافة بيئية دائمة، من خلال المحاضرات وورشات العمل”.

تذكر حسن علي، مدرس الرياضيات في المدرسة أيام صباه عندما كان يصعد إلى الجبل ويجمع الزعتر والميرمية وأعشاب الطبيعة، ويشاهد الغزلان والطيور. “كانت الطبيعة جزءا مني، وعندما أعود إلى البيت أشعر بالراحة.” يقول علي بأن الشباب يعيشون في شقاء يومي في بيوتهم ويمضون ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر. “أولياء الأمور والمدارس والحكومة لا تهتم بالبيئة. نحن في المدرسة نحاول أن ننظم رحلات كل عدة أشهر للطلبة من أجل الترفيه والتثقيف”. أعرب بسام عريقات، مدير التربية والتعليم في رام الله والبيرة عن امتعاضه وخشيته واعتراضه على خطط الرئيس البرازيلي لإزالة المزيد من الغابات، وتمنى أن ينجح الحراك في الضغط عليه ليعدل عن خططه، علما بانه قد تم تدمير آلاف الكيلومترات المربعة من الغابات خلال سبعة عقود، ويقدر الخبراء أن نصف الغابات قد دمرت. وانقرضت أنواع كثيرة من الطيور والحيوانات.

ولذلك يقول مؤلف كتاب الخضرية، السيد شربل بلوطين: “تحتاج الشجرة إلى ٤٠٠ سنة لتنمو حتى تصل إلى ما وصلت إليه شجرة قبل اقتلاعها وهذا ما يجعل قطع غابات الامازون مسالة لها أهمية يجب ان نهتم بها”.

 

عن سعيد الغزالي