وثيقة اللجنة المركزية لحزب دعم، نسان 2012

الاول من ايار، علامة على طريق بناء حزب دعم

عندما قررنا في سنة 2005 احياء الاول من ايار في الشارع بمدينة تل ابيب كنا الحزب اليساري الوحيد الذي جند العمال والعاملات، وقرر ان يعرض موقفه وبرنامجه في قلب اسرائيل، وهذا بعد ان قررت الهستدروت الغاء العطلة عن العمل والاحتفالات بمناسبة هذا اليوم. جاء هذا القرار بعد ان تبنى الحزب وثيقة مؤتمره الخامس من سنة 2004 “افول الامبراطورية” التي وضعت القضية الوطنية في سياقها الاجتماعي الطبقي. مسيرة العمال العرب واليهود في تل ابيب حملت رسالة سياسية قوية حول دور الطبقة العاملة العربية في احداث التغيير الاجتماعي في اسرائيل، وكان ذلك قبل اعوام من خروج الطبقة الوسطى والشباب الاسرائيليين عن سباتهم الطويل ولامبالاتهم ازاء القضايا السياسية وانطلاق الحراك الاحتجاجي الصيف الماضي.

ورغم دورنا الريادي في العمل النقابي ورسالتنا الواضحة حول ضرورة التغيير الاجتماعي ووحدة العمال اليهود والعرب من اجل احداث هذا التغيير، جرى على مدار السنين محاولة لشطب بل اخفاء دورنا من خلال تنظيم مظاهرة بديلة في نفس المناسبة بدءا من عام 2009 تشمل القوى اليسارية والصهيونية التي رغم اختلافها السياسي الا انها توحدت حول تهميش وعزل حزب دعم عن الساحة السياسية. ولم تنجح كل المحاولات هذه في كسر ارادتنا وعزمنا على الاستمرار في طريقنا وذلك بسبب الرسالة المميزة التي نحملها.

اما الاول من ايار هذا العام فيختلف نوعيا عما كان عليه الحال العام المنصرم، خاصة بعد ان شهدنا في الصيف المنصرم حركة الاحتجاج الجماهيرية التي هزت المجتمع الاسرائيلي برمته. فقد قلب هذا الحدث التاريخي كل الأعراف السياسية التي احتلت الساحة السياسية وكان مثابة رد فعل قوي على أجندة حكومة نتانياهو والكنيست الاسرائيلي المنهمك بسن قوانين عنصرية ضد المواطنين العرب وقوانين تضيق من حرية التعبير للمنظمات الاسرائيلية المهتمة بحقوق الانسان. في الوقت الذي تباهى فيه نتانياهو بالانجازات والاستقرار الاقتصادي، تفجرت القنبلة الاجتماعية من خلال حركة احتجاج ضد غلاء اسعار العقارات ونصبت الخيام في قلب تل ابيب.

من البداية انضم حزب دعم الى الحراك الاحتجاجي من خلال مشاركتنا في المخيمات في كل من تل أبيب والناصرة والقدس. وتلاءم الحراك مع توقعاتنا وتحليلاتنا منذ تأسيس حزبنا، بالنسبة لحتمية حدوث انفجار اجتماعي نتيجة السياسة الرأسمالية المفرطة التي تنتهجها الحكومة التي خلقت هوة شاسعة جدا بين قلة من الاغنياء وشريحة واسعة من الفقراء.

اما الحدث الاهم والتاريخي بالفعل فكان انفجار الربيع العربي، هذا الحدث التاريخي الذي قلب النظام العربي وفتح عهدا جديدا يشبه في عمقه وتاريخيته ما حدث عام 1848 عندما فتح ربيع الشعوب الاوروبية عهدا تاريخيا جديدا تكونت من خلاله الامم والدول على انقاض الامبراطوريات الاقطاعية التي بسطت سلطتها الدكتاتورية على كل شعوب اوروبا. ولم يقتصر التطور التاريخي الآني على العرب فقط بل يتجلى في الحراك الاحتجاجي العالمي في كل من إسبانيا، اليونان، امريكا واسرائيل نفسها.

لقد أكدت الثورة العربية من خلال ثوارها وشهدائها صحة موقفنا وبرنامجنا الثوري الذي اعتمد على الماركسية كرؤية بديلة لليبرالية البرجوازية الرأسمالية، فالثورة هي تمرد على النظام الذي يدعم الواحد بالمئة ضد ال99 بالمئة. لقد دعونا منذ تأسيسنا الى ضرورة اعادة بناء اليسار على اساس جديد بعيد عن اليمين القومي من ناحية والإسلام السياسي من ناحية اخرى، وجاءت المحلة الكبرى والقاهرة وتونس لتقول لنا استمروا في طريقكم الثوري في مواجهة القومية المتعصبة والتعصب الديني، لانه هو الوحيد الذي يمكن ان ينتشل الشعب من الاحتلال، الفقر، البطالة وفقدان الحقوق الاساسية. كان هذا مثابة انتصار ايديولوجي مهم على خصومنا على الساحة السياسية الذي تخلى عن امكانية التغيير الثوري وانتهج العزلة عن المجتمع الاسرائيلي من ناحية، والتبعية لأجندات قومية وطائفية ضيقة قادها محور الممانعة المتمثل بإيران، سورية، حزب الله وحماس من ناحية اخرى.

من هذا المنطلق جنّدنا كل طاقاتنا المتواضعة للمساهمة في إنجاح الحراك الاحتجاجي في اسرائيل، من خلال مشاركتنا الفعالة وطرح برنامجنا السياسي على اساس شعار “سلام، مساواة وعدالة اجتماعية”. وكان المطلب الاساسي الذي وضعناه على رأس القائمة وسعينا لاقناع قادة الاحتجاج بتبنيه هو ضرورة “إسقاط حكومة نتانياهو”.

كان واضحا لنا ان حركة الاحتجاج العفوية التي شملت طيفا واسعا جدا من النشطاء الجدد، كسرت الاحتكار القديم الذي احتل الساحة السياسية والذي لعبت ضمنه الجبهة الديمقراطية للسلام والحزب الشيوعي الاسرائيلي دورا رئيسيا. لقد تحول حزب دعم الى جزء عضوي ومهم من حركة الاحتجاج بسبب موقفه الواقعي الثوري من القضايا السياسية مثل الاحتلال، العلاقة بين الدولة ومواطنيها العرب، موقفه من الثورة العربية وخاصة الثورة السورية الباسلة، ومن القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي كانت محور اهتمام حركة الاحتجاج.

الشيء الاساسي الذي ميز حزبنا عن بقية الحركات فهو نشاطه اليومي في صفوف الطبقة العاملة العربية واليهودية ودعوته للوحدة الأممية بين العمال اليهود والعرب. لقد نجحنا من خلال عملنا النقابي في اطار نقابة معًا، في تنظيم طيف واسع جدا من العمال العرب واليهود، من محاضرين الى عاملات زراعة وسائقين.

وكان التعبير عن هذا الاعتراف بدورنا مشاركتنا ولأول مرة في الائتلاف السياسي العريض الذي ينظم مظاهرة الاول من ايار في تل ابيب والقدس وحيفا، مما يثبت ان دعم قد احتل مكانته على الساحة السياسية.

سورية – الربيع العربي في امتحان كبير

مضى عام ونصف تقريبا على اندلاع الثورة العربية والديمقراطية في تونس ومصر، وهي لا تزال تشق طريقها الوعر والملتوي من اجل انجاز كامل اهدافها. في مصر تتشابك وتصطدم القوات الثلاث الرئيسة، الجيش وبقايا النظام القديم من جهة، القوى الاسلامية من جهة ثانية، والقوى الليبرالية بما فيها اليسار المصري كطرف ثالث في المعادلة السياسية. ورغم الاشتباكات السياسية بين هذه القوى الثلاث حول موضوع الدستور والانتخابات للرئاسة الا انه تدريجيا تتبلور التوازنات السياسية التي ستشكل في نهاية المطاف النظام السياسي الجديد. ومع ذلك، فالربيع العربي لن يكتمل اذا بقي أحد رموز الانظمة البائدة وهو النظام السوري.

قبل ان تصل الثورة الى سورية، كان الادعاء الاساسي للتيار القومي والتيار الطائفي الديني الذي احتكر الرأي العام العربي، ان الربيع العربي موجّه ضد الانظمة الرجعية المنتمية الى محور “الموالاة” الحليف للولايات المتحدة وإسرائيل. بحسب رواية هؤلاء كانت الثورة رد فعل جماهيري على سياسة هذه الانظمة المتخاذلة تجاه اسرائيل، ومن هنا فلا يمكن ان تحدث ثورة في دول مثل سورية او ايران لأن الجماهير تدعم سياسة الصمود والتصدي التي تتبعها حكوماتها. ولما امتدت الثورة الى الاراضي السورية نعتوها بانها مؤامرة امبريالية يشارك فيها مندسون ومجموعات مسلحة ارهابية، وليست بثورة.

ان هذا الادعاء هدفه المكشوف هو تبرير وإدامة نظام الأسد القمعي، ولكن هذا التحليل العقيم يتجاهل الأسباب الحقيقية التي ادت الى حدوث هذه الثورة العميقة في دول عربية مختلفة، وهي تكمن في الوضع الاجتماعي الاقتصادي المزري الذي تعيشه الشعوب العربية اضافة الى الفساد، القمع، والاستبداد التي تميزت به هذه الانظمة الرجعية. ان هذه الاسباب بالذات تشكل قاسما مشتركا يجمع بين كل الانظمة العربية، جمهورية كانت او ملكية، صديقة لأمريكا او حليفة لروسيا. ان الصداقة مع اسرائيل او العداء لها اصبح مجرد مبرر للحفاظ على النظام وتبرير القمع الموجّه ضد الشعب.

لقد انفضحت طبيعة النظامين السوري والإيراني وحزب الله عندما وقفوا جميعا ضد الثورة التي تطلب ما تطلبه اليوم الشعوب جمعاء: الحرية، الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كشرت هذه الانظمة الوحشية عن انيابها، وهي لا تتردد في استخدام كل انواع الاسلحة لقمع الشعب وذبح الابرياء. ان الامتحان الحقيقي امام كل انسان ثوري ليس دعم الشعب عندما يواجه نظاما يعبر بشكل سافر عن تأييده لإسرائيل وامريكا، لان الدعم في هذه الحالة هو امر بديهي، بل المطلوب هو دعم الشعب الفقير المنتفض ضد نظام يدعي القومية والممانعة ولكنه يتغطى بهذه الشعارات بهدف استغلال وقمع ونهب شعبه. ان طبيعة النظام، كل نظام، تتحدد حسب معاملته لشعبه وليس حسب موقفه تجاه شعوب وأنظمة اخرى.

ان الحرب الايديولوجية ضد كل النظريات الشمولية الاستبدادية، سواء تلك الشيوعية الدكتاتورية كالتي في الصين، او قومية كما في سورية، او دينية كما في ايران، لن تكتمل ببناء انظمة ديمقراطية في الدول العربية التي تحالفت مع امريكا، بل الامتحان الحقيقي هو في ان تشمل كل الدول التي تغطي نفسها بالشيوعية، الدين او القومية ولكنها تنتهج سياسة اقتصادية رأسمالية تفقر شعوبها من ناحية وتحارب التعددية السياسية وتخرس شعوبها من ناحية اخرى. ومن هذا المنطلق يقف حزب دعم بكل طاقاته وامكانياته الى جانب الطبقة العاملة السورية التي تشارك في هذه الثورة العظيمة وتدفع ثمنا باهظا من اجل اسقاط النظام الفاشي.

من الواضح ايضا أن كل تقدم في سيرة الثورة الديمقراطية في مصر وتونس يمنح المزيد من الدعم السياسي والمعنوي للثوار السوريين البواسل. فبعد ان استعجلت القوى الرجعية، ومن بينها حكام اسرائيل، في شطب الربيع العربي بعد فوز الاخوان المسلمين والسلفيين في انتخابات مجلسي الشورى والشعب في مصر، اتضح ان هذا الفوز الساحق لا يمنح بالضرورة للإسلاميين امكانية التحكم الكلي بمصر، وهذا لسببين الاول وجود قوى ديمقراطية مؤثرة مضادة لسياسة الاسلاميين؛ وثانيا، وهو الاهم، هو ان وضع الاقتصاد المصري والكارثة الانسانية التي تعيشها مصر لا يسمحان لأي طرف بالنجاح في قيادة البلد دون التعاون الفعلي من قبل كل الاطراف الاخرى بمن فيهم العمال ومنظماتهم.

لقد اثبت تدخل المحاكم المصرية في قضية تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور من ناحية وشطب المرشحين الرئيسيين الثلاثة، عمر سليمان، خيرت الشاطر وحازم ابو اسماعيل، فشل المحاولات المختلفة من قبل الاخوان المسلمين من ناحية او فلول النظام البائد للاستيلاء على الدولة المصرية. وقد لعبت القوى الديمقراطية بما فيها اليسار المصري دورا رياديا في الحفاظ على الثورة من ناحية وعلى طبيعة الدولة المصرية الديمقراطية والمدنية.

ان بناء الدولة الديمقراطية في مصر وتونس وبقية الدول العربية سيستغرق عهدا زمنيا كاملا، سيختبر خلاله الشعب الاخوان المسلمين والبرجوازية الليبرالية، وسيتعلم الشباب الثوار درسا في السياسة وأهمية المشاركة في اللعبة البرلمانية، وسيجرب اليسار المصري الثوري التواصل بل وتعبئة الطبقة العاملة المصرية من خلال خوض نضالها من اجل لقمة العيش والعمل الكريم. الثورة لا تزال في بدايتها وتقدمها مرهون بتقدم الطبقة العاملة في الاقطار الغنية المتطورة وبإمكانيتها الإطاحة بالنظام الرأسمالي المفرط الذي يحكم اليوم العالم.

الاحتلال الاسرائيلي والحراك الاحتجاجي

لا شك ان الامتحان الكبير امام حركة الاحتجاج الاسرائيلي هو موقفها من القضية الفلسطينية وسياسة الحكومة تجاه مواطنيها الفلسطينيين. ان التغيير الجذري الذي ينادي به الشباب المبادرون هو تغيير في القيم الاساسية التي تجلت في شعارات الحراك، مثل “الشعب يريد عدالة اجتماعية” او “الانسان قبل الربح”، او “الرد على الخصخصة: ثورة”، وكثير من الشعارات التي تتحدى النظام الاجتماعي السائد في اسرائيل. وكانت الرسالة المبطنة لكل المظاهرات الجماهيرية رفض سياسة الحكومة اليمينية والسعي للتغيير. ومع ذلك، لم تتبن الحركة نداء بإسقاط الحكومة ولم تذكر لا من قريب ولا من بعيد موضوع الاحتلال، بحجة انه موضوع جدل كبير في الشارع الاسرائيلي ويقسم المجتمع الى يمين ويسار. وكان هدف حركة الاحتجاج ان تبقى غير سياسية بعيدة عن الخطاب السياسي التقليدي حول الفلسطينيين والحل السياسي بادعاء ان هذا الموضوع قد همّش الموضوع الاجتماعي الاقتصادي.

وكان هذا الموقف الانتهازي سببا في إبعاد الاحزاب العربية والشباب العرب المتأثرين بالخطاب الديني القومي والباحثين عن مبررات من اجل الاستمرار في عزلتهم عن الساحة السياسية من ناحية ولتبرير سلبيتهم ازاء ما يحدث حولهم من عنف، بطالة، فقر وفساد، والتمسك باتهام الحكومة واليهود عموما بالمسؤولية عن كل مصائب العرب. ومع ذلك، فان محاولة قادة الحراك الاحتجاجي مغازلة قادة المستوطنين وإظهار الاخلاص التام للدولة الصهيونية وأهدافها، سببت مشكلة حقيقية أبعدت الكثير من الفلسطينيين وحتى الثوار العرب الباحثين فعلا عن شركاء في بناء مجتمع جديد بديل للنظام القديم الذي لا يشمل فقط الانظمة الاستبدادية العربية بل النظام في اسرائيل ايضا كونه مبنيا على اساس التمييز العنصري والاحتلال والرأسمالية المفرطة.

ان الصعوبات التي نواجهها في محاولتنا دفع القيادات الشابة الاسرائيلية الى تبني خط ديمقراطي متماسك، وتحديدا المطلب الاساسي بإنهاء الاحتلال، نابعة ايضا من غياب القيادة الفلسطينية او القوى الفلسطينية الجديدة المتأثرة بالربيع العربي الديمقراطي والتي تطرح برنامجا بديلا للأحزاب والحركات المسيطرة على الساحة الفلسطينية وعلى رأسها فتح وغريمتها حماس. الربيع العربي لم يصل بعد الى فلسطين، وإذا كان هناك حراك سياسي فهو موجّه نحو المحاولة العبثية لإنهاء الانقسام بين فتح وحماس بدل تحمل المسؤولية الكاملة وطرح برنامج سياسي بديل للحركتين. القاسم المشترك بين الشباب الاسرائيليين والفلسطينيين هو ابتعادهم عن السياسة، ففي حين يمتنع الحراك الاسرائيلي عن المطالبة بإسقاط الحكومة يمتنع الشباب الفلسطيني ايضا عن النداء الى إسقاط السلطة الفلسطينية الفتحاوية والحمساوية.

ان العلاقة بين الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية وصلت منذ زمن طويل الى طريق مسدود. وقد أدى هذا الوضع إلى فقدان الجمهور في اسرائيل أيضا كل امل بإمكانية حل الصراع، ولكن طالما ضمنت الحكومة الاسرائيلية الامن والاستقرار من خلال الجدار والحصار، فهو لا يرى داعيا في الخوض في هذا الموضوع. وكان التعبير السياسي عن هذ التحول في الرأي العام الاسرائيلي، إهمال أحزاب المعارضة في اسرائيل الموضوع الفلسطيني والانتقال لتبني القضايا الداخلية التي كانت في مركز اهتمام الحراك الاحتجاجي. وكانت النتيجة ان باءت بالفشل كل نداءات الامريكان والعالم لاسرائيل لاتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الاحتلال. غير ان الوضع لا يمكن ان يبقى على حاله، بل سينفجر عاجلا أم آجلا لأن المشكلة تتفاقم.

نداء يوسي بيلين الذي كان من مهندسي اتفاق اوسلو الى السلطة الفلسطينية لإعلان عزمها على إلغاء الاتفاق وحل السلطة، جاء ليؤكد موقف حزب دعم الذي دعا منذ بداية تأسيسه بان الطريق الوحيد لإنهاء الاحتلال هو حل السلطة الفلسطينية ووضع حد للوضع الغريب الذي تلعبه السلطة كوكيل للاحتلال، الذي يواصل سيطرته المطلقة على الارض ويوسع مستوطناته دون كلل. والمصاب ان هذا لا يتناقض مع اتفاق اوسلو لان الاتفاق لا ينص على اقامة دولة فلسطينية ولا يجبر اسرائيل على وقف الاستيطان، بل ان مصطلح “الاستيطان” لم يذكر بتاتا في الاتفاق كما لو انه ليس العقبة الاساسية امام الحل.

سيكون على الشعب الاسرائيلي الاختيار بين قيام دولة فلسطينية على اساس ازالة الاستيطان الكامل وضمن حدود 1967، او العودة للاحتلال المباشر وتحمل النفقات المترتبة عليه. ما يحدث اليوم هو ان الدول المانحة، خليجية كانت او غربية، تمول الاحتلال من خلال هباتها للسلطة التي لا اقتصاد حقيقي لها، الامر الذي يؤدي الى بطالة متزايدة، فقر، فقدان حرية التنقل والأمن، ويسمح لاسرائيل في الاستمرار بالسيطرة العسكرية على المنطقة ويتيح للمستوطنين العيش بأمان وبدعم حكومي سخي.

مهماتنا الراهنة

– المساهمة في الحراك الاحتجاجي:

المهمة الرئيسية لحزب دعم هي الاستمرار في المشاركة الفعالة في الحراك الاحتجاجي من خلال نشاطات ضمن “بيت الشعب” او الاطر المختلفة التي تجتمع في عدة مدن لتحديد مهمات الحراك وشعاراته استعدادا لتجديد المظاهرات في الصيف القريب. ان المهمة الاساسية هي إخراج الجمهور من جديد الى الشوارع وهي مهمة صعبة للغاية.ما يعرقل امكانية تجديد المظاهرات بالحجم الذي شهدناه في الصيف الاخير هو، أولا، تشتت القيادة التي انقسمت الى اطر مختلفة لأسباب شخصية اكثر منها مبدئية، وعلى خلفية الصراع على مراكز القوى. الأمر الثاني هو السياسة الخاطئة التي انتهجتها الحركة عندما منحت الحكومة الثقة والإمكانية للتلاعب بمطالب قيادة الاحتجاج من خلال تشكيل لجنة تراختنبرغ. وخلق هذا الانطباع بأن الحكومة تجاوزت الازمة دون ان تقوم بتغيير حقيقي، وبالتالي انتهى الحراك بينما زادت شعبية نتانياهو وعادت الاسعار للارتفاع. ورغم ان الجمهور يريد العودة للاحتجاج الا انه من غير المؤكد ان يخرج مرة اخرى بجماهيره الغفيرة الى الشوارع اذا لم يتوفر برنامج واضح وقيادة موحدة.

حزب دعم يسعى للترويج لموقفه ضمن اوساط متزايدة في حركة الاحتجاج، ونقوم بعملية دعاية مستمرة وبكل صبر وثقة بموقفنا. ولكن مع أهمية النقاشات المستمرة حول الحراك، الا انه من الضروري ان نرى حركة جماهيرية في الشارع، والا سيبقى النقاش حول الشعارات والبرامج مجرد “تجربة ذهنية” عبثية وإضاعة للوقت. ما نريده هو تحريك الحركة، التأثير على برنامجها وتشكيل كتلة متماسكة من العناصر الذين يقتربون من الحزب ويختارون الانضمام الى صفوفنا او الى احد مجالات نشاطنا المختلفة سواء النقابية، الشبابية او النسائية.

– دعم الربيع العربي والثورة السورية:

مع الاهمية الكبرى التي نوليها لمشاركتنا في حركة الاحتجاج، الا انه ليس هذا ما يميزنا فجميع الاحزاب تقريبا مشاركة فيه. ما يميزنا بالفعل عن سائر الاحزاب وخاصة العربية منها هو موقفنا من الربيع العربي وتحديدا الثورة السورية، هذا بينما تتراوح مواقف الاحزاب العربية وخاصة الجبهة والتجمع، بين دعم النظام السوري المجرم او التزام الصمت حيال جرائمه. اما صوت حزب دعم فهو صوت جريء، وهو نفس الصوت الذي عارض اتفاق اوسلو، رفض الانضمام الى قافلة القومية الزائفة بقيادة ايران، كما رفض الانضمام الى قافلة السلام المزيف لليسار الاسرائيلي والسلطة الفلسطينية.

لقد بادرنا الى اقامة ائتلاف دعما للثورة السورية وقمنا بندوات عدة حول الموضوع وقررنا تخصيص مناسبة الأول من ايار هذا العام للتضامن مع الثورة السورية. ان الموقف من الثورة السورية يحدد الخط الفاصل بين الثورة والثورة المضادة، بين من يريد تغيير المجتمع ومن يريد استمرار الوضع القائم وصرف نظر الجماهير عن عجز هذه القيادات العربية عن الدفاع عن حقوقها والاكتفاء بتوجيه اصابع الاتهام للحكومة في كل مناسبة.

– إنجاح اليوم الدراسي في الناصرة:

نظرا للحاجة لتثقيف الكادر الحزبي والخوض في العمق حول القضايا النظرية التي تشغلنا، قرر المكتب السياسي للحزب تنظيم يوم دراسي حول الربيع العربي والحراك الاحتجاجي. اننا امام حادث ثوري لم يسبق له مثيل في التاريخ العربي ولكن له سوابق في تاريخ الشعوب. الماركسية كونها أول حركة عمالية ثورية تطرقت الى ربيع الشعوب ونشرت البيان الشيوعي الذي أصبح برنامجا ثوريا للحركة العمالية العالمية. وسنسعى لفهم طبيعة الربيع العربي والتوقعات منه من خلال المقارنة مع ربيع الشعوب والموقف الماركسي منه.

ننوي الدخول في عمق التجربة الثورية المصرية، وتحديدا دور الطبقة العاملة في اسقاط النظام وبناء نظام ديمقراطي جديد مبني على العدالة الاجتماعية، كما نريد فهم جذور الثورة السورية والحقائق التاريخية التي أدت للثورة وقدرتها على الاستمرار رغم القمع الوحشي الذي تتعرض له. نريد ان نوضح لأنفسنا قبل غيرنا هل نحن امام “خريف” عربي ومؤامرة على سورية أم اننا بصدد تغيير اجتماعي سياسي تاريخي سيغير ملامح ومصير المنطقة برمتها.

نريد ايضا ان نفهم طبيعة الاحتجاج في اسرائيل، ما هي نقاط التشابه والاختلاف بينه وبين الربيع العربي من جهة وبين حركات الاحتجاج العالمية التي تبلورت على خلفية الازمة الاقتصادية التي تدفع الملايين الى البطالة، فقدان المأوى والفقر وبالتالي فقدان الثقة بالنظام الذي يحمي مصالح الاغنياء على حساب اغلبية الشعب. هل الامتناع عن السياسة ظاهرة اسرائيلية ام عالمية، ما هي أسبابها وكيف يمكن التغلب عليها؟

– إنجاح الاول من أيار:

بدأنا هذه الوثيقة بالأول من ايار، ولا بد ان ننهي بالنداء الى كل اعضاء الحزب، اصدقائه، عماله، شبابه ونسائه للعمل على إنجاح هذه المناسبة. بعد ان اخترقنا الساحة وفرضنا على القوى السياسية الاعتراف بنا، سنشارك بشكل فعال في تنظيم المسيرات في كل من حيفا، القدس وتل ابيب من خلال الائتلافات المختلفة في كل موقع. هدفنا ان نوصل رسالة حزب دعم ونقابة معا الاممية، ان نطرح قضية الطبقة العاملة، ان نشدد على موقفنا المعارض للاستيطان والاحتلال وان نعبر تعن تضامننا مع الثورة العربية ومع الشعب السوري ضد نظام بشار الاسد.

اننا نعمل على بناء التضامن مع الثورة السورية في الشارع العربي، ونريد إحياء الاول من ايار مع العمال والعاملات لإبراز موقفنا من القضايا العمالية والثورة العربية. ان المهرجان العمالي في كفر قرع هو مناسبة لجمع كل الطاقات والفعاليات المؤيدة للثورات العربية والمتضامنة مع الثوار السوريين. انها مناسبة أممية عمالية لتكريس الوحدة بين العمال العرب واليهود حول السلام، المساواة والعدالة الاجتماعية.

عن